“ثورة 17 تشرين” سيدة نفسها وبريئة من انتخابات أيار

9 أبريل 2022
“ثورة 17 تشرين” سيدة نفسها وبريئة من انتخابات أيار


“الانتخابات المبكرة” شعار طرح في لبنان منذ العام 2019 اي قبل سنتين من انتهاء الولاية الفعلية للمجلس النيابي الحالي المنتخب في العام 2018.

في حينها كان المطلب مبررا وضروريا، لكنه لم يبصر النور على الرغم من أن معظم الأفرقاء السياسيين ومختلف الكتل النيابية أبدت عدم اعتراضها عليه، لكنها لم تقم بأي تحرك في اتجاه الترجمة العملية للمطلب، فأكمل المجلس ولايته وغاب المطلب، ليظهر بديل له متمثل بضرورة اجراء الانتخابات النيابية في موعدها الدستوري ،في أيار المقبل.
وهنا مفارقة لا بد من التوقف عندها، اذ انه في أقل من سنة تحوّل الرأي العام اللبناني من المطالبة بتقصير ولاية المجلس النيابي الى المطالبة بعدم تمديد ولايته، ما يشير بطريقة او بأخرى الى فائض القوة الذي تمتلكه المنظومة الحاكمة والى غياب الصبر والاصرار في صفوف الثورة.
وهذا الكلام لا يدخل في اطار النقد او تعيير السلطة والمعارضة، انما يمثل توصيفا لواقع بات من الضروري تحديد معالمه قبل الحديث عن امكانية التغيير او طرح معالم جديدة لأي مرحلة مقبلة.
وفي سياق التوصيف، لا بد من القاء نظرة على الحراك والنشاط المرافق للانتخابات النيابية التي باتت معالمه واضحة بعد تحديد عدد المرشحين وكيفية توزعهم في اللوائح التي جمعت بعضها وفقا لقواعد المصلحة الانتخابية دون اي عناوين مشتركة او موّحدة، في حين ان بعضها الآخر رفع العناوين السياسية التي تعبّر عن النفس العام المشترك للمرشحين.
واللافت في” انتخابات 2022″ انها تمكنت من القاء الضوء على أوجه جديدة وذلك من خلال لوائح انضوت جميعها في اطار ما يعرف بـ”القوى التغييرية” على الرغم من تعدد تسمياتها واختلاف وتنوّع تحالفاتها.
وهذه الخطوة يعوّل عليها لخلق مرحلة تأسيسية تتسع من خلالها المساحة الانتخابية ليصبح الترشح متاحا امام كل المواطنين وليس حكرا على العائلات السياسية ولا على الشخصيات التي تنتقيها الاحزاب والتيارات.
وفي الاطار، تجدر الاشارة الى ان ترشيح الأوجه الجديدة لم يأت من خلال “قوى التغيير” فقط، بل ان الاحزاب نفسها اعتمدت مبدأ التجديد علها تلتقي مع الشارع المنتفض في مكان من الأمكنة.
لكن، وعلى الرغم من العناوين والأوجه الجديدة الوافدة الى الحلبة الانتخابية ، قد يكون من الصعب القول ان “ثورة 17 تشرين” تخوض الانتخابات النيابية.
فالحديث عن سباق بين القوى التقليدية و”ثورة 17 تشرين” يدفع الى البحث تلقائيا عن خاسر ورابح، وبالتالي عن تحديد حجم “الثورة” وحجم القوى التقليدية.
وهنا ظلم تتعرض له “الثورة” من قبل بعض اهل السلطة ومن الكثيرين من مدعيها، اذ ان “17 تشرين” بمفهومها الحقيقي وبناسها الحقيقيين تلتزم الصمت دون مبرر ودون اي سبب واجب وواضح.
فمع الأسف، ولأسباب كثيرة لم تتمكن الثورة من الاستمرار في شق طريقها بطريقة عمودية ما جعلها تخفت أحيانا وترفع الصوت احيانا أخرى وما قد يجعلها تعود الى العلن في أي لحظة يرى فيها المواطن ان العودة الى الساحات ورفع الصوت بات اولوية لا يمكن التغاضي عنها.
لذلك، يبدو مخطئا كل من يريد زج “ثورة 17 تشرين” في انتخابات 2022 والخطأ المقصود او غير المقصود سيؤدي الى مزيد من التراجع في صفوف الثورة..
فـ”17 تشرين” التي لا يمكن لها الا ان تصل الى نهايات سعيدة، هي بعيدة كل البعد عن مبدأ الخسارة والربح وتحديد الأحجام الذي سيظهر الى العلن في 16 أيار.
وهنا نسأل كيف لـ”ثورة” لم يلد من رحمها قائد أو مجلس أو هيئة ان تخوض الانتخابات ومن أعطى الصفة التمثيلية لكل المجموعات التي تقول أنها هي “الثورة”؟

ونسأل أيضا، كيف لـ”ثورة” نادت بشعار “كلن يعني كلن”، بغض النظر عن صوابيته ان تخوض الانتخابات الى جانب بعض منهم اي بعض من “كلن يعني كلن”؟

ولا بد من ان نسأل، كيف لثورة أرادت التخلص من التوريث السياسي بمفهومه الضيق والسلبي ان تشبك أيديها بجزء لا بأس به من ممثلي العائلات السياسية الكبيرة والمعروفة في البلاد؟

وفي الاطار عينه نسأل، كيف لثورة ناضلت من اجل الشفافية ونظافة الكف ان تقدم للمجتمع اللبناني نموذجا من أصحاب الثروات الضخمة والسيارات الفخمة في حين ان ثوارها كانوا من الفقراء وأبناء الطبقة الوسطى؟

وأخيرا نسأل، الى متى ستستمر المحاولات لاقحام “17 تشرين” بما لا ناقة ولا جمل لها فيه؟ والى متى محاولات تغيير هويتها ستبقى قائمة؟

والى متى ستستمر محاولات تحديد مسارها وأساليب عملها، فيما هي الوحيدة المخولة تحديد اللحظة الحاسمة والطريق الذي ستنتهجه للتغيير.