كتب غسان ريفي في “سفير الشمال”:
“في الوقت الذي يخوض فيه رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل معركة شرسة في دائرة الشمال الثالثة عن أحد مقعديّ البترون، حيث تشير المعلومات الى أنه يبذل مجهودا مضنيا لتأمين الحاصل الانتخابي وبالتالي الحفاظ على مقعده النيابي.. وفي ظل المخاوف التي تسيطر على التيار الوطني الحر من تقلص عدد نوابه بفعل التراجع الشعبي الناتج عن الغضب على الأوضاع الاجتماعية والمعيشية ودخول قوى الثورة الى المشهد السياسي والانتخابي في “المناطق المسيحية” التي كان يعتبرها حصنا شعبيا له، لجأ باسيل الى إعتماد منطق “التسلل” في بعض الدوائر التي لم يُعلن عن ترشيح أي من الشخصيات فيها لا سيما في دائرة الشمال الثانية (طرابلس والضنية والمنية) عله بذلك يستطيع إنتزاع مقعد من هنا أو من هناك ممتطيا “حصان طروادة”.
لم يُعلن جبران باسيل عن ترشيح أحد في دائرة الشمال الثانية، ما إضطر المرشح الماروني جو بو ناصيف المحسوب عليه الى الانسحاب من المعركة بعدما أخفق في الدخول الى واحدة من اللوائح الـ11 التي تشكلت ليتحول الى “ضحية” لمخطط أراد باسيل تنفيذه بعناية من خلال الدخول تسللا الى طرابلس وجوارها.
يدرك باسيل أن ليس له في طرابلس أية حظوظ إنتخابية، خصوصا أن السياسات التي إعتمدها جعلته خصما لدودا للمدينة ككل كونها ترفض ممارسات التيار الوطني الحر في الادارة سواء عبر المحافظ رمزي نهرا، أو في شركة كهرباء قاديشا عبر بعض المستشارين، أو في القضاء عبر القاضية غادة عون، أو في المؤسسات التابعة لوزارات يشغلها وزراء عونيون.لذلك، يتداول متابعون للشأن الانتخابي أن باسيل قرر خوض معركة طرابلس والضنية والمنية عن بعد ومن دون أية كلفة مالية، وذلك من خلال لائحة “الجمهورية الثالثة” برئاسة المرشح عمر حرفوش الذي يتكفل بكل مصاريف اللائحة ومهرجاناتها ولقاءاتها، وكما بات معلوما أنه واجه في بداية حركته صعوبة في تشكيل لائحته نظرا لرفض العديد من المرشحين التحالف معه، ثم فجأة سارع الى إعلان لائحة غير مكتملة، يقول ناشطون في التيار أن “حياكتها كانت بخيوط برتقالية واضحة”، حيث ضمت (بحسب هؤلاء) “ثلاثة مرشحين مقربين أو محسوبين على التيار الوطني الحر الذي بات يتحكم بلائحة “الجمهورية الثالثة” كونه يستطيع في أي وقت سحب مرشحيه منها وإسقاطها”.
وبحسب المتابعين أنفسهم، فإن العلاقة التي تربط حرفوش بالتيار الوطني الحر وبالنائب جبران باسيل لم تعد خافية على أحد بدءا باللقاءات التي يعقدها معه ممثلو التيار البرتقالي في مناطق دائرة الشمال الثانية والنصائح الانتخابية التي يقدمونها للائحة التي يشاركون فيها، وصولا الى دعوة القاضية غادة عون المحسوبة على التيار الى فرنسا، ما فاجأ اللبنانيين الذين تساءلوا كيف أن مدعية عامة تحقق في ملفات حساسة ينقسم المجتمع اللبناني حولها، تقبل دعوة مرشح للانتخابات النيابية الى فرنسا وتتصور معه وتشكره، وتتحدث خلال عشاء عام عن القضاء اللبناني والقضاة فتشيد بهذا وتنتقد ذاك، فضلا عن إسهابها في الحديث عن ملف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وشقيقه رجا، الأمر الذي حرك هيئة التفتيش القضائي التي أحالتها الى مجلس تأديبي.
يمكن القول، إن محاولة باسيل التسلل الى طرابلس، كشفت أن أزمة التيار السياسية في طرابلس لا تحل عبر الخدع الانتخابية أو إستخدام أحصنة طروادة، والثاني هو التناقض الرهيب بين شعارات لائحة “الجمهورية الثالثة” وواقعها الميداني”.