افتتح الامين العام لـ”حزب الله السيد حسن نصرالله امس سلسلة خطابات انتخابية ، بكلمة عامة تناول فيها الواقع الانتخابي ككل من دون الدخول في تفاصيل الدوائر والمعارك والخصوم، لكنه في الوقت نفسه نقل الحديث عن تأجيل الانتخابات النيابية المقبلة الى العلن، مفجرا مفاجأة من خلال الجدية التي اوحى بها بالحديث عن ورغبة خفية بتأجيل الاستحقاق.
قد يكون الحديث عن تأجيل الانتخابات ابرز ما جاء في كلمة نصرالله، وقد تكون الكلمة بكاملها وجدت من اجل تمرير هذه الفكرة ونقلها من الصالونات الى الرأي العام من اجل التأكيد أن الحزب ليس من الساعين الى التأجيل بل يصر على حصول الاستحقاق في موعده.ألمح نصرالله الى كون الاميركيين يدرسون فكرة تأجيل الانتخابات لان حلفاءهم لن يستطيعوا الفوز بالاكثرية، وهذا ما سيدفعهم الى تأجيل الاستحقاق لعدة اسابيع من اجل فتح المجال امام اعادة ترتيب الواقع الانتخابي وحتى السياسي لتخفيف الخسائر، لكن هل تكمن المصلحة الكاملة لواشنطن بتأجيل الانتخابات ؟
تكمن المصلحة الاميركية في تأجيل الاستحقاق النيابي فقط في اعادة خلط الاوراق وسحب المبادرة من يد القوى الحليفة للحزب ومنعها من الحصول على الاكثرية وبالتالي استكمال عملية تقليص نفوذ حزب الله داخل المؤسسات، اذ ان تكريس الحزب لاكثريته سيعني ان ضرب وجود الحزب في الدولة فشل وسيتأجل لسنوات طويلة مقبلة. لكن في مقابل ذلك، ليس سهلا على الولايات المتحدة الأميركية تغطية اي عملية تأجيل لاستحقاق دستوري او ديمقراطي اذ ان الامر يرتبط بما يمكن تسميته بالعقيدة السياسية لواشنطن، واذا كان الاميركيين واقعيين في الكثير من الاحيان غير انهم غير قادرين على تبني هكذا خطوة علنا وهذا الامر قد يكون احد اسباب تظهير نصرالله لنوايا التأجيل. كما ان تأجيل الانتخابات سيكون في مكان ما لمصلحة حزب الله الذي سيفرض احد امرين، اما التمديد لرئيس الجمهورية ميشال عون بالتوازي مع التمديد للمجلس النيابي او الذهاب الى انتخابات رئاسية قبل النيابية، ضمن توازنات اقليمية لصالحه في ظل التقارب الخليجي السوري وتوقيع الاتفاق النووي..
ما قام به نصرالله امس، جعل فكرة تأجيل للانتخابات، ان وجدت، اكثر صعوبة لانها اولا لا تحظى بالاجماع وثانيا لان خصوم حزب الله هم من سيتحمل مسؤولية هذه الخطوة شعبيا وامام الرأي العام، وعليه فإن الكباش الاعلامي والسياسي سيستمر حتى يوم الاقتراع في ظل حسابات الاحزاب والقوى السياسية الداخلية والخارجية..