الخارج يبحث عن الأقوى… والدولار “على عينك يا ناخب”

13 أبريل 2022
الخارج يبحث عن الأقوى… والدولار “على عينك يا ناخب”


شهر وبضعة أيام  تفصل المواطن اللبناني عن موعد الانتخابات النيابية التي تأتي في ظل أزمة اقتصادية غير مسبوقة، وفي ظل تطورات دولية وأقليمية ساخنة قد تعيد ترتيب أولويات المنطقة  وصور نزاعاتها بما فيها النزاع اللبناني الذي غالبا ما يكون ترجمة واضحة للصراعات الخارجية.

وهنا لا بد من الاشارة الى ان عملية خلط الأوراق الدولية والاقليمية تحصل بوتيرة سريعة ومتداخلة في آن معا، اذ انه وبغضون أشهر قليلة مرت البلاد بأزمة واسعة النطاق مع دول الخليج العربي سرعان ما تم تطويقها ما ادى الى حلحلتها وعودتها ولو بشكل بطيء الى طبيعتها.
وترافق تطويق الأزمة اللبنانية مع الخليج بتقدم ملحوظ على صعيد المحادثات النووية التي بات من الواضح انها ستصل الى خواتيم سعيدة حتى لو لم يكن ذلك في المدى المنظور.
وفي السياق عينه لا يمكن التغاضي  عن الزيارة التي قام بها الرئيس السوري بشار الأسد الى الامارات العربية والتي جاءت مفاجئة ومعبرة على الرغم من المحاولات الكثيرة لتحجيمها أو للدفع نحو صرف النظر عنها.
وعلى صعيد هذه التطورات، لا يمكن اغفال الحركة الدبلوماسية التي شهدها لبنان في الأسابيع الأخيرة لاسيما الفرنسية والأميركية والروسية، التي تؤكد محورية لبنان ورغبة مختلف الدول في الحفاظ على مكانتها فيه وعلى الدور الذي يمكن ان تؤديه من خلاله.
كما شكل الاعلان عن زيارة البابا فرنسيس الى لبنان نقطة مفصلية تؤشر الى تبدل المزاج الدولي في التعاطي مع الشأن اللبناني الداخلي، لا سيما ان الزيارة اتت بصورة مفاجئة وغير متوقعة من حيث توقيتها والاعلان عنها. 
من هنا، تبدو واضحة اللحظة الاقليمية والدولية الاستثنائية التي تجري خلالها الانتخابات النيابية في لبنان والتي يحاول كل طرف اظهار نفسه اللاعب الأقوى فيها، بهدف استمالة المحاور وبالتالي تقديم نفسه كقوة محلية لا يمكن تجاهلها عند الدخول في تفاصيل الملف اللبناني.
وعملية اظهار القوة، تخرج الى العلن في أشكال مختلفة ومتعددة، فجميع الاحزاب والتيارات السياسية التي تعلم في قرارة نفسها ان تمثيلها الى تراجع اكيد وان نسبة الاقتراع ستشكل صدمة للمجتمع اللبناني ومن بعده للمجتمع الدولي، تحاول قدر المستطاع خلق التبريرات والعمل لشد عصب الناخبين بطرق مشروعة وغير مشروعة.
ومن الطرق التي قد تكون غير مشروعة، يظهر الانفاق الانتخابي في شقه الاعلامي والاعلاني، وهنا مفارقة لا بد من التوقف عندها، اذ انه كيف لشعب تم تفقيره وتجويعه وتحويله الى صفوف الانتظار في الطوابير الطويلة وحجز امواله ان لم نقل تطييرها، ان يتقبل الحملات الانتخابية المنتشرة على الطرقات والتلفزيونات ووسائل التواصل الاجتماعي ومختلف الأساليب الأخرى الممكنة؟

وكيف له ان يصدق ان من ينشر المال بعملته الخضراء على لوحات الاعلانات وخلال فواصل الشاشات، هو متضرر مثله من “الجهنم الاقتصادي” الذي احرق احلام المواطن وطموحاته؟

ووفقا لبعض المعلومات يبلغ اتفاق شراء الخدمات الاعلامية التلفزيونية من قبل المرشح الواحد ما لا يقل عن 500 الف دولار اميركي ، وهذا الرقم هو وسطي اذ انه يمكن ان يرتفع او ينخفض وذلك وفقا لطبيعة الخدمة وكميتها بالاضافة الى الشاشة التي يتم اختيارها.
كما، تظهر أرقام الحملات الدعائية الانتخابية المنتشرة على الاوتوسترادات والطرقات الفرعية، متقاربة الى حد كبير مع ارقام الحملات التلفزيونية وهذا طبعا دون احتساب تكاليف الحملات الالكترونية التي تدفع أيضا بالدولار الأميركي.
اذا وفي صورة انفصام غير مسبوق، يعيش المواطن اللبناني أشد انواع الفقر والعوز في حين ان معظم احزابه وتياراته تتباهى بقدراتها المالية عبر صرفها بصورة عشوائية وغير منطقية بهدف السيطرة وبسط النفوذ ومحاولة لفت انظار الخارج الذي وعبر مختلف التجارب التاريخية لا يتعامل الا مع الأقوى.