اختصرت رسالة الفصح التي وجهها البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي امس الحدث الداخلي الأبرز اذ تعتبر احدى اكثر الرسائل المعبرة عن مواقف حاسمة لبكركي عشية الانتخابات النيابية ، فيما بدا واضحا أن حراكا ناشطا في الاوساط السنية المتنافسة سجل في الازمة الاخيرة ،وان هناك محاولات متزايدة بتشجيع من دار الفتوى تجري لزيادة اقبال الناخبين السنّة الى صناديق الاقتراع وانعكس ذلك في خطب الجمعة في عدد من المساجد في بيروت والمدن والمناطق الاخرى.
واشارت ” الديار” الى ان هذا الامر يندرج في اطار رفع درجة المشاركة السنية في الانتخابات بعد ان تبين ان المدن الرئيسية مثل بيروت وطرابلس وصيدا لا تشهد حركة انتخابية مرتفعة رغم كثرة اللوائح.
وكتبت” النهار” ان مواقف الراعي تذكّر الى حد كبير بموقف شهير معروف للبطريرك الراحل مار نصرالله بطرس صفير عشية انتخابات اتخذ منها توجها تحذيريا من وصول أكثرية مناهضة للسيادة اللبنانية . في رسالته امس بدا البطريرك الراعي اقرب ما يكون الى رسم فيها خريطة طريق انتخابية واضحة على أسس سيادية وشرعية من شانها ان تستوقف الجميع بدلالاتها المهمة في وقت تتنامى مخاوف كثيرين من “انزلاقات” انتخابية من شانها إعادة الأكثرية الحاكمة الحالية رغم كل الكوارث التي حصلت تحت سيطرتها .ولذا شكلت رسالة الفصح البطريركية المارونية امس الموقف الأكثر افصاحا عن هذا الخطر مقرونا بدعوة صريحة صارخة الى المشاركة في الانتخابات لأن “لبنان يحتاج اليوم وكل يوم إلى أكثرية نيابية وطنية، سيادية، استقلاليّة، مناضلة، مؤمنة بخصوصية هذا الوطن والدولة الشرعية والمؤسسات الدستورية وبالجيش اللبناني مرجعية وحيدة للسلاح والأمن، وبوحدة القرار السياسي والعسكري”. وقد ترددت أصداء هذه الرسالة على نطاق واسع وينتظر ان تكون لها امتدادات في اتجاهات عدة في الفترة الفاصلة عن موعد الانتخابات.
ومن المقرر ان يشارك رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في قداس عيد الفصح في بكركي اليوم.وكان البطريرك الماروني قال في رسالة عيد الفصح “اننا حركة التغيير حركة الحريّة والسيادةِ في هذا الشرق، ويجب أن نضعَ حدًّا للأمرِ الواقعَ الذي يتألّم منه الشعبُ اللبنانيُّ، ويُهمِّشُ الدولةَ الشرعيّةَ، ويُبعثِرُ وِحدَتَها بين دويلاتٍ أمنيّةٍ ودويلاتٍ قضائيّةٍ ودويلاتٍ حزبيّةٍ ودويلاتٍ مذهبيّةٍ ودويلاتٍ غريبة. فبِقدْرِ ما يَتحرّكُ الشعبُ ويواجِه جِدّيًا هذا الأمرَ الواقعِ الكارثيّ، يَتشَّجعُ المجتمعُ العربيُّ والدُوليُّ لمساعدتِه وتوفيرِ إمكاناتِ التغييرِ ووسائلِ الإنقاذ. وبقدْرِ ما رَحّبنا بعودةِ أصدقائنا العرب إلى لبنان، نتمنّى أن يعودَ اللبنانيّون أنفسهم إلى لبنان ويَتخلّوا عن ولاءاتِـهم الخارجيّةِ وعن انتماءاتِـهم إلى مشاريعِ غريبةٍ عن تاريخنا وتراثِنا”. وشدد على “ان الهُويّات الهجينة التي تَسلّلت إلى هُويّتِنا اللبنانيّةِ المتجدِّدةِ عبر التاريخ، يجب إزالتها عنها وكأنّها ملصَقات، وجعل هذه الهويّة معيارَ اختيارِ النوابِ والوزراء والرؤساء وسائرِ المسؤولين عن الوطن. من أجل هذه الغاية، نراهن مع المواطنين ذوي الإرادة الحسنة على حصولِ الانتخابات النيابية في موعدها، ومن بعدها الرئاسية. فإنها فرصةُ التغييرِ. إذا لم يَتنبّه الشعبُ إلى خطورةِ المرحلة ويُقدِم على اختيار القوى القادرةِ على الدفاعِ عن كيانِ لبنان وهُويّتِه، وعلى الوفاءِ لشهداء القضيّة اللبنانية، وعلى إعادة علاقات لبنان العربية والدولية، فإنه، هذا الشعب نفسه، يتحمّل هو، لا المنظومةُ السياسيّةُ، مسؤوليّةَ الانهيار الكبير. ومن حظِّ لبنان أن التغييرَ فيه لا يزال ممكنًا ديمقراطيًّا. فلا تعطّلوا أيّها اللبنانيّون هذه الوسيلةَ الحضاريّةَ السلمية الأخيرة.” واكد “ان نتائجَ الانتخاباتِ النيابيّةِ تتوقّفُ على المشاركةِ فيها. فلا يوجد خاسرٌ سلفًا ولا رابحٌ سلفًا. لبنان يحتاج اليوم وكل يوم إلى أكثرية نيابية وطنية، سيادية، استقلاليّة، مناضلة، مؤمنة بخصوصية هذا الوطن والدولة الشرعية والمؤسسات الدستورية وبالجيش اللبناني مرجعية وحيدة للسلاح والأمن، وبوحدة القرار السياسي والعسكري. أمّا الخطورةُ الكبرى فهي تضليل الشعب اللبنانيُّ فيَنتخب أكثريّةً نيابيّةً لا تُشبهه ولا تلتقي مع طموحاتِه، ولا تقدرُ أن تحلَّ أزماته فتزيدُ من عُزلته ومن انهيارِه. ستكونُ لا سمح الله حالةٌ غريبةٌ أن تأتيَ الغالبيّةُ النيابيّةُ خِلافَ الغالبيّةِ الشعبيّةِ بسبب سوءِ اختيارِ الشعب؛ فيُضطرُّ لاحقًا إلى معارضةِ نواب انتخَبهم في غفلةٍ من الوعي الوطنيّ. يَجُدر بالشعبِ اللبنانيِّ، وهو يختار نوابَّه، أنْ يُدرك أنّه يختارُ أيضًا رئيسَ الجمهوريّةِ المقبل، بل الجمهوريّةَ المقبلة. ومّما لا شكّ فيه أنَّ مصير لبنان يتعلق على نوعيّةِ الأكثريّةِ النيابيّة في المجلسِ الجديد.”