بات لزاما على الطبقة السياسية الانخراط الفعلي في خوض غمار التنافس الانتخابي و وتزييت الماكينات، كون “افرازات” صناديق الاقتراع سيتم “تقريشها” عمليا في عملية تشكيل الحكومة، إن حصل توافق سياسي ،كما في الاستحقاق الرئاسي المنتظر.
لم يأت وقوف سليمان جان عبيد و تكرار اسمه الثلاثي من فراغ، طالما ان المذكور يخوض معركة سياسية بإمتياز بوجه القوات اللبنانية ، وكذلك الأمر بالنسبة لكريم كبارة أو كاظم الخير.
هي معركة الأبناء ، صحيح، كما حاول الجيش الالكتروني تصويره لاستهداف لائحة “للناس” فور انتهاء إعلانها من بوابة شعار الوراثة السياسية على إعتبار بأن رفع شعار رفض منطق الوراثة السياسية بمضامنيها سيفعل فعله في المزاج الشعبي خلال الأسابيع المقبلة.
لكن ينبغي الانتباه إلى عدة عوامل، أبرزها على الإطلاق هي خصال الراحل جان عبيد الذي حظي بالفخامة في حياته نظرا لحكمته و تفكيره الراجح، كما شقاء محمد عبد اللطيف كبارة طوال السنوات لتلبية طلبات المواطنين، و كذلك رمزية صالح الخير في المنية و التي جعلت منه علامة فارقة في المجلس النيابي لسنوات طويلة.بالمقابل، تدرك القوات اللبنانية جيدا العوائق التي تحول دون تطبيع علاقتها مع مدينة طرابلس، فقضية اغتيال الرئيس الشهيد رشيد كرامي دخلت في عمق الوجدان الطرابلسي ولا يمكن اختزالها بالسعي إلى معركة إثبات الوجود من خلال التنافس الانتخابي بوجه تيار المردة عن المقعدين المسيحيين للمدينة.لذلك، ليس تفصيلا ان يترشح سليمان عبيد عن المقعد الماروني كونه المثقل بإرث والده بالمعنى الايجابي، طالما ان نجاحه يعني عمليا استعادة قرار طرابلس وليس تجيير مقعدها الماروني كجائزة ترضية كما حصل سابقا.
هي معركة انتخابية صحيح، لكنها مواجهة مفتوحة حيال ثوابت سياسية قبل اي امر آخر، فالتصويب على لائحة “للناس” المدعومة من تيار العزم يدخل في إطار استهداف تحالف سياسي يسعى لتكوين كتلة نيابية شمالية الهوى و الانتماء.
على هذا المنوال، ثمة ارتباط وثيق بين هندسة الحملات الانتخابية مع الاستحقاقات بتكوين الأكثرية المطلقة او الثلث المعطل داخل مجلس النواب كون الاغلبية هي المفتاح السحري الذي يفسح المجال أمام آفاق سياسية أو يوصد الباب و يدخل لبنان في نفق مظلم، و هذا ما تخشاه جميع الاطراف السياسية بما في ذلك حزب الله و الذي هو لاعب انتخابي لا يستهان بحجمه في دوائر الشمال الثلاث.
