وصلت ازمة النفايات في لبنان إلى مستويات كبيرة نتيجة تراكم المشكلات السياسية والمالية، وتعطيل بعض الأطراف العمل على تحسين شروط الاستفادة البيئية والاقتصادية من هذا الملف ، لاعتبارات تعود الى منفعته الشخصية ، ما تسبب بكوارث صحية واقتصادية على الشعب اللبناني، اضيف اليها انهيار غير مسبوق لليرة ، والذي قد يستمر لفترة طويلة في ظل غياب مؤسسات الدولة الفاعلة في محاربة الفساد والفاسدين.
اكمال الردم حتى النهاية في هذا السياق اوضح رئيس بلدية “الجديدة” انطوان جبارة في حديث لـ “لبنان 24″، ان ازمة النفايات الاخيرة كان سببها توقف موظفي شركات جمع النفايات في غالبية المناطق اللبنانية عن العمل لأسباب باتت معروفة متصلة بأزمة الدولار، واضاف: “نحن في أزمة عمرها أكثر من 50 عاما، اذ ليس هناك إدارة رشيدة لحلّ المشكلة، فكل ما سبق وتقدّم هي خطط طوارئ متجدّدة وقصيرة الأمد ومبنيّة على المحاصصة.
اضاف:” كان عليهم ان يصغوا لإقتراحنا بإكمال عملية الردم في البحر حتى النهاية، فنحن لسنا اول بلد في العالم يقوم بطمر نفاياته في البحر، هناك دول كثيرة سبقتنا في هذا المجال، ولكن وفق شروط علمية وبيئية عالية المستوى. كان المطلوب هو اقامة كاسر متين للموج يمنع ارتداد النفايات مجدداَ إلى المناطق التي تم ردمها”.واعتبر انه من غير المقبول ان تتكدس النفايات كالجبال في المناطق السكنية، مستبعدا في حديثه لـ “لبنان 24″ ايجاد حلول قريبة للازمة.وقال:” نحن امام ثقب اسود تفوح منه رائحة الفساد في كل الاتجاهات.جبارة طالب ايضاً بالاستعانة بالبنك الدولي وبخبراء من الخارج لحل المشكلة. وسأل:”هل يعقل انه بعد ان تم ردم حوالى 200 الف متر في البحر بتكلفة مرتفعة، ان نعود لنبشه من جديد من اجل ان نطمر به النفايات مرة اخرى؟ المطلوب هو اكمال عملية الردم حتى النهاية، مع اقامة معامل للفرز. اما المناطق المردومة فيمكن الاستفادة منها لاقامة مرافق سياحية، تكون عاملاً في تنشيط الحركة الاقتصادية وجذب الاستثمارات.
المشكلة في السيولة اما رئيس مجلس ادارة شركة “سيتي بلو” التي تتولى اعمال جمع النفايات في اقضية بعبدا وعاليه والشوف ، ميلاد معوض، فقد عزا سبب الازمة التي حدثت مؤخراَ إلى توقف العمال عن العمل بعد تبلغهم من شركاتهم عدم توفر السيولة لدفع رواتبهم، وذلك بسبب السقوف التي تضعها المصارف شهرياً للسحوبات.واضاف: “المشكلة تكمن في فتح الحسابات بالليرة اللبنانية للعمال، وهي تكمن ايضاً في التحويل لمن يملكون منهم حسابات مصرفية، لأن الشيك يدفع بالدولار ويرتب التحويل الى الحسابات اللبنانية عمولة تفرضها المصارف بنسبة 30% ، اضافة إلى ذلك فإن تسييل الشيك بالدولار إلى الليرة اللبنانية يرتب خسائر كبيرة في السوق، فنحن نخسر بالشيك ما يقارب 30 إلى 40% من قيمته واحياناً اكثر.المطلوب طمأنة العمال
الحل الذي جرى، والذي عاد على اساسه العمال عن اضرابهم، يتمثل بإعطاء مصرف لبنان كوتا اضافية للمصارف التي تتعامل معها شركات جمع النفايات لرفع قيمة السحوبات وتسهيل تسييل الشيكات. وقد رأى معوض فيه حلاً مؤقتاً لا يفي بالغرض المطلوب، وهو طمأنة العمال والموظفين إلى ديمومة استمرارهم في قبض رواتبهم في موعدها المحدد دون اي تأخير. ثمة حلول يختصرها معوض في حديثه وهي : إما أن يرفع مصرف لبنان الكوتا بالليرة اللبنانية للمصارف التي تتعامل معها شركات جمع النفايات كي تستطيع هذه الشركات السحب بمبالغ أكبر، وإما ان تقوم المصارف نفسها بتصريف الشيكات مباشرة، وغير ذلك فإن كل ما يطرح هو حلول مؤقتة تبقي الازمة في مهب الانفجار مجدداً في اي لحظة.الاستثمار في الفساد اما رئيس بلدية “الشويفات” زياد حيدر فقد قال في حديثه لموقع “لبنان 24”: “نحن امام ملف كبير شائك ومعقد تفوح منه رائحة الفساد والسمسرات،” حتى بتنا نشعر وكأن هناك من يصر على ابقاء الازمة دون حل، لتحقيق مصالح مالية وسياسية محددة. واضاف: “بدل الاستفادة من التقنيات الحديثة في معالجة النفايات، والتي سبقتنا اليها معظم دول العالم، فإننا ما زلنا نقوم برمي نفاياتنا في البحر. وهذا امر مخالف للقوانين الدولية، ولأبسط شروط قيام بيئة نظيفة وصحية”. حيدر شدد في حديثه على صعوبة معالجة ملف النفايات من دون وجود مطامر صحية.الاستفادة من النفايات ممكنة
مصدر مطلع قال في حديث ل “لبنان 24”: “لدى البحث في هذا الملف الشائك، يتبين بحسب الدراسات التي قام بها مختصون، أن ما يقارب 10% فقط من النفايات في لبنان لا يمكن الإستفادة منها، في حين أنه يمكن ذلك مع ما يقارب 90%، في حال توفرت بعض الشروط غير التعجيزية، التي أساسها تعميم مبدأ التدوير والتسبيخ إلى أقصى حد، بهدف تقليص كمية النفايات التي ستطمر. المصدر عينه كشف في حديثه أن 60% من نفايات لبنان من المواد العضوية التي من الممكن الإستفادة منها في إعادة تكوين التربة، في حين أن ما يقارب 30% من المواد التي من الممكن إستخدامها في إعادة التصنيع، (زجاج، ورق، حديد، أقمشة، دواليب، كرتون…) وهو اكد أن الصناعيين يتمنون بيعهم هذه المواد التي سيستفيدون منها كثيراً، كونهم في الأصل يشترونها من الخارج.