انتفت الأسباب الموجية التي كانت تلجأ إليها القوى السياسية لتأجيل الانتخابات عبر اقتراحات قوانين كان يتكفل بتقديمها النائب السابق نقولا فتوش والتي كانت تفضي إلى تصويت البرلمان على قانون التمديد، بيد أن ذلك لا يعني أن تطيير انتخابات 15 ايار غير وارد. الفكرة مطروحة بجدية لكن الاطاحة بالانتخابات سيكون رهن عامل مفاجىء من خارج السياقات المتعارف عليها خاصة وأن أحدا لن يتجاسر بتبني طرح التمديد ولو لشهرين أو أربعة أشهر.
يظهر المشهد السياسي أن المعركة الانتخابية تشتد بين المتصارعين على الاكثرية في المجلس النيابي. وقد رفع حزب الله جهوزيته على المستويات كافة لخوض هذا الاستحقاق، أولا لقطع الطريق على أي احتمال لخرق في المقاعد الشيعية الـ 27 و ثانياً ليتمكن من الفوز وحلفائه بالأكثرية. فالأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله يعتبر أن معركة الحزب في الانتخابات المقبلة هي معركة حلفائه وأنه سيعمل لمرشحيهم كما يعمل لمرشحيه، فهو يريد لحلفائه أن ينجحوا في هذه الانتخابات للتعاون معاً في تحمل المسؤوليات.
وعليه، تتقدم الانتخابات النيابية على ما عداها من استحقاقات عند حزب الله في الوقت الراهن. وبحسب مصادر مقربة من حزب الله فإن ملف الرئاسة مؤجل حتى اشعار اخر. فملائكة الرئاسة تحضر بوقتها. واهتمام حركة حريك منصب على تمرير يوم 15 أيار وانتخاب رئيس المجلس وبعد ذلك لكل حادث حديث. فالحزب يعتم على مرشحه الرئاسي ويرفض البحث في تفاصيل استحقاق تشرين الاول المقبل علما أن رؤيته جاهزة لكنه لن يسرّب أي موقف من شأنه أن يتركه رهن وعوده فهو لن يكرر خيار الالتزام الذي قطعه مع الرئيس العماد ميشال عون، خاصة بعدما فُشّلَ عهد الرئيس عون وجرى تحميله المسؤولية، مع اشارة المصادر إلى ان أولوية الحزب تتمثل بتعاون حلفائه وان يتراصوا في حلف واحد. علما ان اوساطا سياسية تعتبر في المقابل أن كل الاحتمالات واردة في الملف الرئاسي. فهناك مرشحون neutre، والاسماء المطروحة ليست محصورة فقط بالمرشحين الاساسيين: رئيس تكتل لبنان القوي جبران باسيل، رئيس تيار المرده سليمان فرنجية، وقائد الجيش العماد جوزاف عون. فمعالم المرحلة المقبلة لم تتبلور بعد في ظل خلط الاوراق اقليميا ودوليا وضبابية المشهد الداخلي والخارجي ما يعني ان الكلام عن ان الرئاسة محصورة بين ميرنا الشالوحي وبنشعي قد تسقط.
في موازاة كل ذلك، يقول الأمين العام لحزب الله ان” أي تغيير في النظام السياسي في لبنان يجب ان يحصل بالحوار لا بالاستقواء”. ويعتبر نائبه الشيخ نعيم قاسم أننا “نحتاج إلى عملية جراحية إصلاحية حتى ننقذ بلدنا ونحن مستعدون لذلك”. وهذا يعني وفق المصادر المقربة من حزب الله ان الحزب يبدي استعدادا لنقاش اي طرح لتطوير النظام بشكل يحفظ حقوق الطوائف ويقفل مزاريب الفساد، بعيدا عن اي صيغة جديدة. فالنظام الجديد بالنسبة للحزب هو فتنة ومشروع المثالثة حرب اهلية،مع اشارة المصادر إلى ان اي مؤتمر حول لبنان سيكون بعد الانتخابات الرئاسية اخدا بعين الاعتبار التوازنات الداخلية وتطور الاوضاع في سوريا (الحل السياسي) والعلاقة الروسية – الغربية خاصة وأن الحرب في اوكرانيا مفتوحة على كل الاحتمالات، ولبنان يأتي بالنسبة إلى المجتمع الدولي في اسفل سلم الاولويات. فأولى الاولويات هي اوكرانيا على ان يتبعها الاتفاق النووي والوضع في الشرق الاوسط والخليج، علما ان هذه المصادر ترى أن لا استقرار في لبنان من دون عودة سوريا، من دون أن تربط عودتها بتقارب الرياض – دمشق الذي لا شك ،إن حصل، سيخلق واقعا جديداً، فحتى الساعة تتفوق علاقة سوريا بالامارات على ما عداها من دول الخليج.