ثغرات في خطاب حزب الله.. هل تبدِّل الانتخابات الاولويات؟

19 أبريل 2022
ثغرات في خطاب حزب الله.. هل تبدِّل الانتخابات الاولويات؟


عمليا، يخوض حزب الله الانتخابات النيابية للمرة الاولى في تاريخه. سابقا كان الحزب يخوض معارك سياسية او تقنية/ انتخابية، للفوز بالاكثرية النيابية او لتحسين شروطه السياسية في الداخل اللبناني، لكن من دون ان يكون بنفسه خاضعا للاختبار الانتخابي الشعبي او انه بحاجة لاعادة تكريس شرعيته وان كان شكليا. يخوض الحزب انتخاباته النيابية ضمن مستويين من المواجهة، المواجهة السياسي التقليدية المرتبطة بالتوازنات الداخلية والكباش مع الاقليم، والمستوى الثاني هو معركة صورته وحجمه وشرعيته.

ليس سهلا على خصوم حزب الله، بالرغم من الضجيج والصخب الاعلامي الذي يحدثوه، تحقيق خرق انتخابي في اي من المقاعد الشيعية في المجلس النيابي، لا بل حتى ان الخرق في دوائر نفوذ الحزب يبدو مستحيلا بإستثناء معركة جدية على المقعد الماروني في دائرة بعلبك الهرمل مع القوات اللبنانية، لذلك فإن خروج الحزب من الانتخابات من دون خسائر “نيابية” امر مرجح.حتى ان الحزب قد يحقق اهدافا اخرى منها الحصول على اكبر عدد اصوات في لبنان اضافة الى الحصول مع حلفائه اللصيقين على الثلث المعطل ومع التيار الوطني الحر على الاغلبية، لكن هذه الاهداف لن تجعل الحزب يحقق انتصارا سياسيا الا في حال اجاب على اسئلة محورية تحكم موقعه السياسي وحضوره في المرحلة المقبلة، خصوصا في ظل توقعات بأن نسبة التصويت الشيعية ستنخفض بشكل او بآخر ما سيوحي بأن جمهور الحزب لديه تحفظات او تساؤلات يريد اجوبة عليها.

احد اهم الاسئلة التي يجب على الحزب الاجابة عليها هي كيف سيكون موقعه في النظام السياسي اللبناني بعد الانتخابات، فالحزب وبالرغم من حضوره الواسع حاول في المرحلة الماضية الابقاء على “خجله” في التعامل مع الدولة العميقة وهذا ما ادى الى امتعاض جزء من بيئته الحاضنة، اذ رفض مثلا الخوض في معركة اقالة رياض سلامة، ووقف على الحياد في بعض القضايا القضائية المرتبطة بالمتعاملين مع اسرائيل، ولم يضغط في قضايا اساسية كالملفات التي كشفها النائب حسن فضل الله. الحزب مطالب من بيئته  بأن يكون اكثر انخراطا وحضورا داخل النظام خصوصا ان حجة الحزب لعدم تحقيق انجازات اقتصادية او اجتماعية هي انه ليس لديه قدرة فعليا على مجابهة “المنظومة” السياسية والادارية من دون الذهاب الى صدام لا يريده، وعليه فإن  يعيد تحديد موقعه في النظام السياسي بعد كل التحولات التي حصلت على حجم الحزب وقدرته وتمثيله في السنوات العشرين الماضية. 

“خجل” الحزب المندّد به ايضا من بيئته يطال تعامله مع حلفائه، فجمهور الحزب الذي منح الاكثرية الغالبية العظمى من الاصوات في الانتخابات النيابية السابقة وسيساهم اكثر في الانتخابات المقبلة في محافظتها على اكثريتها يجد ان الحزب لا يبذل جهودا لضبط حلفائه ضمن مشروع سياسي واحد وانه يكتفي بالاجماع الحاصل حول سلاحه.اجابة الحزب على هذين السؤالين ستحدد اجابته على اسئلة اساسية اخرى منها موقفه من النظام السياسي الجديد ومدى استعداده بالدفع نحوه، وموقفه من الهوية الاقتصادية للبنان وكيفية تغييرها او تطويرها.كلها اسئلة قد تفرض الانتخابات الاجابة عنها لكنها في الواقع تحديات حقيقية امام حزب الله الذي استطاع في السنوات الطويلة الماضية تجنب الغرق في التفاصيل حتى جاء الانهيار ليجعل من تردده خطرا حقيقيا عليه بطريقة او بأخرى.