كتبت هيام قصيفي في” الاخبار”:أن يرفع المرشحون صورهم على طرق لبنان وأبنيته بكثافة، فهذا عمل انتخابي قد يجد المحازبون تبريرات له. ولو أن كلفة إعلانات الأحزاب في مرحلة الفقر المدقع الذي يطاول اللبنانيين، بحسب شركات الإعلانات، باهظة جداً وبالدولار الأميركي الطازج. لكن أن يخوض ناخبون معارك مرشحيهم، بحماسة فائقة، في هذه المرحلة، ولا سيما أولئك الذين يرفعون شعار الخدمات من جانب السلطة أو المعارضة، ويتولون الدعوة إلى تكثيف المشاركة في الاقتراع، عملاً بتمنيات قادة الأحزاب، تحت مسميات مختلفة، فأمر يدعو إلى التوقف ملياً عنده وعند خيارات الناخبين الحقيقية.
كلمة السر المتداولة هي جمع أكبر عدد من الأصوات وإن كانت لا تتعدى العشرات، لأن الرهان على رفع نسبة المشاركة في الانتخابات في شكل كبير على عكس ما جرى في الانتخابات الماضية. قياساً لانتخابات عام 2018، وتغير المناخ السياسي بين القوى المشاركة ودخول المجتمع المدني والمستقلين بقوة أكثر على المشهد الانتخابي ولو مشرذمين، فإن هذه النسبة تشكل للجميع رافعة انتخابية وتحدياً يترجم في أساليب حث الناخبين على المشاركة الكثيفة. وفي غياب البرنامج الانتخابي يبدأ كلام المرشحين في لقاءاتهم برفع نسبة المشاركة، إضافة إلى التصويت للائحة الأوفر حظاً فلا يضيع التصويت على لوائح (وخصوصاً المعارضة) لن تتمكن من تأمين الحاصل.
لكن هل صحيح أن رفع نسبة المشاركة سيكون عاملاً مؤثراً فعلياً في الحياة البرلمانية والمشهد السياسي؟ سياسيون رافقو دورات انتخابية عدة، لا يقرون بهذه المقولة، لأن ارتفاع النسبة يعني بطبيعة الحال بالنسبة إلى القوى الحزبية، تقنياً، رفع الحواصل، لكنه يعني عملياً بالنسبة إلى العملية الانتخابية إظهار اللعبة الديموقراطية ومشهداً انتخابياً يعكس حجم تورط اللبنانيين في الانتخابات لصالح أحزابهم وانتماءاتهم السياسية.يراد بالانتخابات ورفع نسبة المشاركة فيها، قياساً للدورة الماضية، الدلالة على حجم الاستنفار السياسي بين معارضة وموالاة، والمظهر الانتخابي الاحتفالي كوجه من وجوه العمل السياسي. تبعاً لذلك يسعى المرشحون من معظم الأحزاب إلى اللعب على وتر المشاركة الكثيفة، ليس خوفاً من نتائج مضمونة بالنسبة إلى أحزاب ونواب في دوائر معينة، بل لكونها أقرب إلى الاستفتاء الشعبي وليس تأمين المقاعد وتأكيد المؤكد. لأنه عدا ذلك ستسير عجلة الإدارة الذاتية للسلطة كما هي الحال دائماً، وتجربة عام 1992 وما بعدها دلت على ذلك. إذ قاطعت أكثرية المسيحيين ومع ذلك شكلت حكومات وسنّت قوانين وظلت الحياة «الديموقراطية» قائمة.