وجه بطريركا أنطاكية وسائر المشرق للروم الارثوذكس والسريان الارثوذكس يوحنا العاشر وإغناطيوس أفرام الثاني، لمناسبة مرور 9 سنوات على اختطاف مطراني حلب يوحنا ابراهيم وبولس يازجي، رسالة فصحية مشتركة جاء فيها: “نقولها من اليوم وقد أردناها رسالة فصحية. نقولها اليوم في الجمعة العظيمة التي تتطابق هذا العام والذكرى التاسعة لخطف مطراني حلب. نقولها اليوم والمسيح في قلب جلجلة مجده، معلق على علياء الصليب الذي به ينقب لنا ولشرقه المعذب درب قيامة. نقولها اليوم وتقولها معنا اللحظات الحاضرة لنؤكد وتؤكد أننا كمسيحيين في هذا الشرق كنا وما زلنا على المصلوبية على مثال سيدنا. نقولها اليوم لنؤكد دوما أن صليب الألم هو فاتح درب القيامة. على مثال سيدهما يسلك أخوانا المطرانان درب جلجلة هذا الشرق الجريح. على خطواته يسلكان درب آلام. ومعه يعبران إلى مجد فصح. ودربهما درب إنسان هذا الشرق الذي يدفع من حياته فاتورة قعقعة الحروب على أرضه. تسع سنوات تختصر شيئا يسيرا مما قاساه ويقاسيه إنسان هذه الديار حربا وجوعا وتشريدا وتهجيرا وإرهابا واقتلاعا من الأرض الأولى”.
وتابعا: “تسع سنوات تختصر أيضا شيئا مما عاناه المسيحيون كما سواهم من ويلات الحروب وما تلقوه ويتلقونه دائما من شعارات تتلطى بمعسول الكلام عن حماية المسيحيين، في حين أكدنا ونؤكد دوما أن حماية المسيحيين تتأتى من توفير العيش الكريم لنسيج اجتماعي يحيون ضمنه مع غيرهم من مكونات. تسع سنوات مرت وذكرى المطرانين باقية دلالة على ملف تعاجز عنه الجميع. تسع سنوات مرت لتقول وتؤكد أن بقاءنا في هذه الأرض على مر ألفي عام يرتكز أولا وأخيرا على قوة إيماننا وشهادتنا للمسيح الرب. نحن كمسيحيين أنطاكيين لا نعول إلا على الرب الذي شتلنا في هذه الأرض مذ شتل فيها أجدادنا مع أرز لبنان ومع ياسمين دمشق ومع غيرها من أوابد. تسع سنوات مرت والمسيحية المشرقية تكتب فيها نذرا يسيرا من أصالة شهادتها ليسوع الناصري كما وتترجم بحروف من حياة ما سطره كاتب سفر أعمال الرسل حين قال: ودعي التلاميذ مسيحيين في أنطاكية أولا. في الجمعة العظيمة، نجدد صلاتنا إلى سيد الحياة والموت الممدد على صليب المجد. نخاطبه اليوم بدمع مريم ودالة يوحنا. نرجوه بحماس بطرس وبيقين توما. نستعطفه بشفاه المجدلية وبفرح التلاميذ أن يرأف بعالمه ويرسل السلام إلى هذا الشرق ويؤهلنا أن نرى خاتمة سعيدة لملف أخوينا المطرانين. إن دمع عيوننا وقلوبنا ينتظر منك يا رب المجد أن تمسحه بيديك الطاهرتين. اتكالنا عليك وحدك أنت المعلق على صليب المجد في هذا اليوم المجيد والمبزغ منه فجر قيامة بقيامتك”.
وقالا: “إن خطف المطرانين يدعونا كمسيحيين الى أن نتأمل أن ما يجمعنا أكثر مما يفرقنا. لم يسأل خاطفو المطرانين عن طائفة ولا عن دين. خطف المطرانان لأنهما نفح من كنيسة أنطاكية ابنة هذه الأرض موطئ أقدام الرسل والمهد الفكري الأول للمسيحية. كل هذا يدعونا دوما إلى نظرة وجودية لتاريخنا ولوجودنا ولضرورة تلاحمنا في هذا الشرق الجريح ككنيسة تشهد لربها بأصالة إيمان أبنائها وبغيرتهم المتوقدة البعيدة عن كل مماحكة وعن كل تطرف إثني أو فئوي”.
وختما: “في يوم الجمعة العظيم، عيوننا إلى صليب المجد الذي سينقب فجر القيامة. قلبنا مع ذاك المتألم الذي يزيل عن قلوبنا كل ألم ليكحله بنور القيامة. جاء يوم الجمعة العظيم هذا العام متطابقا مع هذه الذكرى الأليمة ليقول لكل مسيحي مشرقي إن حياتك على مثال حياة رب المجد الذي رضعته إيمانا من الأجداد. فيها الصليب وفيها درب الألم لكن مآلها نور قيامة. جاء متطابقا ليقول إن المسيحية المشرقية وعلى مر ألفي عام من تاريخها مرمية مع ربها على عود صليب ومسمرة وإياه إلى خشبة، لكنها بقيت وتبقى وستبقى قائمة معه مهما قاست ويلاتا وحروبا ومهما استنزِفت هجرة وتشريدا وتهجيرا وخطف كهنة ومطارنة وأبناء قاسوا مع غيرهم من أبناء هذه الأرض.
ومن عظمة هذا اليوم الخلاصي ومن غمرات الفصح العظيم، نطل عليكم يا أبناءنا في الوطن وفي دنيا الانتشار سائلين لكم البركة الرسولية ومتوجهين وإياكم بصلاة حارة إلى المسيح الإله الذي أحبنا جميعا وضمنا إليه عائلة واحدة أن يرأف بعالمه ويسكت بجبروت صمته كل حرب كي ننشد من صميم القلب والكيان: المسيح قام من بين الأموات ووطئ الموت بالموت ووهب الحياة للذين في القبور”.