دخل لبنان عطلة عيد الفصح لدى الطوائف التي تتبع التقويم الشرقي وبالتالي تجمّد النشاط السياسي والحكومي والنيابي حتى يوم الثلاثاء المقبل، وبقي مشروع قانون «الكابيتال كونترول» في واجهة المشهد الداخلي، بعدما تعثرت مناقشته في اللجان النيابية لتعذر انعقاد الجلسة بسبب تطيير نصابها.
وفتحت رسالة الايضاحات التي تقدم بها الرئيس نجيب ميقاتي إلى المجلس النيابي الطريق مجددا حول جلسة جديدة للجان المشتركة دعا إليها الرئيس نبيه بري الثلاثاء المقبل، لمتابعة درس مشروع قانون الكابيتال كونترول.
وكتبت” النهار”: مع العطلة الرسمية والسياسية في يوم الجمعة العظيمة لدى الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الشرقي لم تسجل أي تطورات بارزة في المشهد الداخلي فيما بدا واضحاً أن موجة جديدة من التداعيات المالية والاجتماعية التي تواكب الاحتقانات السياسية قد بدأت وتنذر بسلبيات إضافية على مجمل الوضع عشية الانتخابات النيابية.
ولم يكن أدل على هذه الموجة الجديدة من التداعيات السلبية من تحليق الدولار في السوق السوداء الى سقوف مرتفعة على رغم عطلة الجمعة العظيمة الى حدود أن جهات عدة تساءلت عما إذا كان وراء هذا “الخرق” لعبة مكشوفة تهدف الى زج البلاد في متاهات لن يكون استهداف الاستحقاق الانتخابي في منأى عنها. هذا الاحتمال الخطير يحتاج واقعياً إلى رصد ومراقبة الأيام المقبلة لمعاينة ما يمكن ان تشهده حركة الأسواق المالية من جهة والحركة الرسمية السياسية في شأن الكباش حول مشاريع القوانين المتصلة بالاتفاق بين لبنان وصندوق النقد الدولي من جهة أخرى.
إذ أن الأسبوع المقبل، سيشهد تصعيداً مرتقباً في الصراع حول هذه المشاريع بدءاً من حركة اعتصامات وتحركات نقابية واسعة ستنفذها النقابات المستقلة ورابطة المودعين الإثنين المقبل رفضاً لمشروع الكابيتال كونترول الذي ستعاود اللجان النيابية المشتركة استكمال بحثه في جلسة حدد رئيس المجلس نبيه بري موعدها يوم الثلثاء المقبل.
وقد ارتسمت حيال هذه الأجواء شكوك حول ما إذا كانت جلسة اللجان ستنعقد أم سيتم تطييرها مجدداً تحت وطأة التحركات الاحتجاجية التي ستنفذ وتتصاعد في شأن المشروع كما في شأن “خطة التعافي المالي” التي أشعل تسريبها قبل أيام عاصفة رفض وتحذيرات من إقرارها لا سيما لجهة ما يتصل بالتفريط بودائع اللبنانيين. ولا تستبعد أوساط معنية أن تنزلق الأمور نحو متاهات جديدة من التعقيدات مع اقتراب العد العكسي للانتخابات النيابية من أسابيعه الثلاثة الأخيرة بحيث تتحول المشاريع التي تسعى الحكومة الى إقرارها بالتنسيق مع رئيس مجلس النواب قبل موعد الانتخابات الى ملفات سجالية وانتخابية ولا تقر قبل الانتخابات.
بل إن الخشية تتسع الى التداعيات المالية والاجتماعية لإسقاط هذه المشاريع تحت وطأة المناخات الانتخابية على غرار الارتفاعات الحارقة لسعر الدولار وانعكاساتها على أسعار المواد الاستهلاكية كما على تدهور جديد في ملفات خدماتية أساسية كالكهرباء والمحروقات. لذلك ترصد الأوساط المعنية الأسبوع المقبل باهتمام لكونه سيشكل الاختبار المباشر لمواقف الكتل النيابية والقوى السياسية من مجمل هذه الأولويات المطروحة قبل انصراف الجميع بشكل كلي الى الحملات الانتخابية في الفترة “القاتلة” المتبقية عن موعد الخامس عشر من أيار.
وأشارت مصادر سياسية عبر “الأنباء” الإلكترونية إلى” أنّ القوى التي تعتبر نفسها متضررة من الاستحقاق، قد تستخدم ذرائع متعدّدة للإطاحة بالانتخابات، سواءً من خلال إضراب الموظفين أو القضاة، أو من خلال عرقلة مسار العملية الديمقراطية في الاغتراب من خلال خلق الإشكالات المتكررة”، مستطردةً “في كل الأحوال من غير المنطقي أن تتجه الكتل النيابية إلى إقرار الكابيتال كونترول بشكله الحالي على مسافة أسابيع قليلة على الانتخابات النيابية، لأنّ ذلك سيرتد سلباً على الواقع الشعبي”.وفي موازاة المشاكل اليومية القابلة للتطور أكثر في ظل غياب أي مساعٍ جدية للحلّ، أو للحد من التدهور، لفتت المصادر إلى أنّه “لا يمكن للبنان الرهان على أي متغيرات إقليمية ودولية في ظل الحرب الروسية على أوكرانيا، وانهماك العالم بتلك الأزمة. ولا يمكن الرهان على تسويات إقليمية في ظل عرقلة اتفاق فيينا وتأجيله. ما يعني أنّه في حال لم يستطِع اللبنانيّون التوصل لتسوية داخلية فإنّ أزمتهم ستطول وتتفاقم. فيما بعض الدول المهتمة بلبنان تستمر في حراكها ومساعيها، أولاً لتوفير المزيد من المساعدات الإنسانية وسط سعي سعودي- فرنسي لإطلاق عمل الصندوق المشترك قبل عيد الأضحى، والذي يتضمن تقديم مساعدات لستة قطاعات أساسية وحيوية. في الموازاة لا يزال البحث مستمراً بين عواصم تبدي اهتماماً بلبنان في رسم ملامح المرحلة المقبلة من خلال التركيز على الانتخابات النيابية، وتشكيل حكومة جديدة، وإجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها”.