قد نتفهّم حاجة شاشات التلفزة، كما سائر وسائل الإعلام، إلى تمويل يسمح به القانون تحت مسمّى “النفقات الإعلامية” للمرشحين إلى الإنتخابات النيابية، ولكن ما لا نفهمه أو نتّفهمه هو أن يُفتح لبعض هؤلاء المرشحين المثيرين للجدل الهواء على مداه، ومن بينهم المرشح عن المقعد السنّي في دائرة الشمال الثانية عمر حرفوش، الذي إستغل حاجة هذه الشاشة إلى الإعلانات الإنتخابية ليوزّع إتهاماته شمالًا ويمينًا، ويصّور نفسه هو والقاضية غادة عون بأنهما “أشرف الشرفاء”، وأن كل جميع من لا يدور في فلكهما فساد ومفسدون.
فبأي حقّ، حتى حق الحرية الشخصية، يُسمح لشخص لديه هذا القدر من الحقد التهجّم على من لم تثبت إدانتهم من قبل القضاء، الذي لم ير فيه حرفوش قاضيًا واحدًا نزيهًا، بإستثناء أثنين: القاضية غادة عون والقاضي نقولا منصور.
فُتح له الهواء ليقول كل ما يحلو له فقط لأن في إستطاعته أن يدفع ثمن “ظهوره الإعلامي” الدائم، كميات كبيرة من “الفريش دولار”. نقول هذا مع علمنا المسبق أن لجنة الإشراف على الإنتخابات تراقب وتسجّل، وقد تحاسب أو لا تحاسب. والأرجح أن قرارتها ستبقى حبرًا على ورق لأن ليس لديها سلطة تنفيذية. النتيجة أن الذي ضرب ضربته يكون قد ضرب وهرب. وما فائدة أي قرار قد يصدر عن هذه اللجنة “الصوريّة” عندما تكون رصاصة الكلمة قد فعلت فعلها؟
قد يكون المرشح عمر حرفوش حرّا في “بعزقة” أمواله المجهولة المصدر ،حيث تحتل صوره ” الاجتماعية” الصدارة في مواقع التواصل الإجتماعي، وقد يكون حرًّا أيضًا في أن يصطحب معه القاضية عون إلى باريس لتلقي محاضرة في “العفاف والنزاهة” في قاعة من قاعات مجلس الشيوخ الفرنسي، وما رافق هذه “العزيمة” من ضجة.
لا مشكلة لي مع هذا المرشح “المتشاوف”. لست من طرابلس ليعني لي شيئًا إنتخابيًا. ولكن المشكلة مع عمر حرفوش هو عمر حرفوش نفسه. هو حرٌّ في أن يعتبر القاضية عون “بطلة”، وكاد يشبّهها للحظة بـ”جاندارك”. ولكن ليس من حقّه ولا من حقّ المحطة التي تستضيفه تحت عنوان “الحملات الإنتخابية” وأن تسمح له بأن “يسرق” ساعة من وقت المستمعين والمشاهدين للإستماع إلى ترهات وتفاهات. وكان من الممكن الإستعاضة عنه بإحد المسلسلات، حتى لو كانت مملة.
وإحدى هذه التفاهات التي “أتحفنا” بها السيد حرفوش أن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ينام في أحدى خزائن مصرف لبنان، وهو الوحيد الذي يملك تركيبة فتح هذه الخزنة، وذلك خوفًا من توقيفه من قبل الأجهزة الأمنية.
مهزلة ما بعدها مهزلة. كان يُقال إن الذين إستحوا ماتوا. فماذا يا ترى يُقال اليوم أمام هكذا مسرحية تبكي من كثرة الضحك.
هزُلت.