تسيطر الضبابية على المشهد الانتخابي في دائرة الشمال الثانية – طرابلس المنية الضنية ويبدو الارتباك سيّد الموقف، وهذا الارتباك نابع في الاصل من غموض التوجه العام للصوت السُّني في الدائرة بسبب انكفاء الرئيس سعد الحريري. وما زاد الامور تعقيداً وبشكل اساسي كثرة اللوائح وانقسام القوى السياسية في لوائح متعددة ومتنوعة.
اللائحة الاقوى في الدائرة هي لائحة قوى الثامن من آذار والتي جمعت معظم القوى السياسية التابعة لهذا الخط من النائب فيصل كرامي والنائب جهاد الصمد وكذلك “حزب البعث العربي الاشتراكي” اضافة الى الاحباش و “تيار المردة”، وهذه اللائحة من المُتوقع ان تنافس على أربعة حواصل والكسر ما يتيح لها الدخول في معركة مقبولة على الحاصل الانتخابي الخامس.
تظهر أيضاً لائحة اللواء اشرف ريفي، والذي يبدو أنه تعلّم من خطأ الانتخابات الماضية، حين استخفّ بالقوة الانتخابية لكل من المنية والضنية ما أدّى الى خسارته رغم حضوره الانتخابي في مدينة طرابلس، فلجأ في هذه المرة الى اختيار شخصيات وازنة في كلا القضائين إذ ضمّ النائب عثمان علم الدين عن المنية ضمن لائحته والذي، في حال لم يتمكن من الفوز بمقعد نيابي، سيؤمن الحاصل لطرابلس بـ٤٠٠٠ صوت كحد ادنى.
من المنية الى الضنية حيث تحالف ريفي مع مرشح قوي له حضورٌ واسع في المنطقة بل ويملك قوة مالية وعقارية ضخمة وهو بلال هرموش والذي في حال لم يفز بالمنافسة مع النائب سامي فتفت يستطيع تأمين حاصل لمرشحي طرابلس لا يقل عن ٣٠٠٠ صوت فيخطو بذلك ريفي خطوة كبيرة باتجاه الحاصل الانتخابي.
لائحة ريفي تعمل وفق ماكينتها الانتخابية على الفوز بالمقعد النيابي الثاني في حين ان خصومها يعتبرون ان معركتهم الجدية هي للفوز بمقعد واحد وهو غير مضمون، لكن الاهم ان “القوات اللبنانية” ستسعى لتأمين 2000 صوت تفضيلي لمرشحها في الدائرة ما يجعله انتخابياً يقترب من الخرق وذلك في حال عدم فوز علم الدين في المنية.
اما لائحة “قدامى المستقبل” فيبدو أنها تواجه ازمة حقيقية لا سيما على مستوى السيولة، الا انها تحاول بشكل او بآخر اعادة تدوير أصواتها الانتخابية مستعينة بذات الماكينة الانتخابية “للمستقبل” في الانتخابات السابقة، ما من شأنه أن يعزز واقعها السياسي والانتخابي ويجعلها أقرب للفوز بعدد لا بأس به من النواب.
وفق مصادر متابعة، فإن ما يسمى في الاوساط السياسية بلائحة “قدامى المستقبل” وهي لائحة النائب السابق مصطفى علوش تملك قوة دفع جدية في كل من المنية والضنية وطرابلس وتسعى للفوز بثلاثة مقاعد نيابية ما سيشكّل لها انتصارا حقيقياً في ظل غياب “تيار المستقبل” الرسمي والمباشر في الانتخابات. وبخلاف كل ما يقال، فإن أمين عام “المستقبل” احمد الحريري يعمل على دعم هذه اللائحة والتواصل مع أعضائها وتأمين نوع من انواع الحراك السياسي والانتخابي لها وذلك بعد الانقسام الذي حصل داخل “البيت الازرق” في الفترة الفائتة، الا ان الحريري استطاع اعادة تجميع لائحته وتطيير نفوذ بعض الكوادر منها الامر الذي قد يعطي شرعية ما لهذه اللائحة ولو على مستوى قواعد “المستقبل”.
أما لائحة “للناس” والتي تضم تحالف تيار العزم” مع النائب محمد عبد اللطيف كبارة فتعتمد على طرابلس بشكل أساسي اضافة الى واقعها الممتاز في باقي الاقضية لدائرة الشمال الثانية، لا سيما وأن رئيس المركز الوطني في الشمال كمال الخير، احد اقطاب 8 اذار، اعلن دعمه للمرشح الثابت في المنية النائب كاظم الخير ما سيؤمن دفعاً كبيراً للائحة وقوة تجييرية هائلة.
اما واقع العلويين فلا يزال ينتظر كلمة السر من دمشق والتي لا تصل عادة الا قبل ايام من موعد الانتخابات المحدد بالرغم من الامتعاض في البيئة العلوية – جبل محسن- من تردّي الاوضاع المعيشية وغياب الانماء والاهتمام بالتعليم في هذه المنطقة، ما قد يؤدي الى تسرّب الاصوات بين العديد من اللوائح.
الاهم من ذلك ان قوى الثامن من اذار رغم تكتلها الكبير في مكان واحد الا أن لديها أيضاً بعض الشخصيات المرشحة والمدسوسة بذكاء بين اللوائح التي ترفع شعار التغيير والتي يبدو انها ستخوض معركة شرسة وصعبة للوصول الى الحاصل الانتخابي الاول، إذ ان كل المؤشرات تدل على أن واقع قوى التغيير عموماً سيء جداً بسبب انقسامها في عدد كبير من اللوائح الانتخابية ما يجعلها في موقع ضعف شديد ويبعدها عن الفوز رغم كل المحاولات لإثبات حضورها في العراك الانتخابي.