زورق الموت.. تصفية حسابات رئاسية وتهديد للانتخابات

25 أبريل 2022
زورق الموت.. تصفية حسابات رئاسية وتهديد للانتخابات

مع كل خضة اجتماعية او اقتصادية أو أمنية، تصبح الانتخابات النيابية امام مفترق طرق. ولطالما شكلت الأحداث الأمنية مدخلا لعرقلة العملية الانتخابية، خاصة وأن تلك الأحداث كثيرا ما تتسارع عشية الاستحقاقات الدستورية، علما أن الوضع الأمني في لبنان لا يزال تحت السيطرة ويختلف عن العام 2015 حيث كانت التوترات الأمنية على أشدها في منطقة عرسال وجرودها.لكن المفارقة تكمن في تحذير قوى سياسية من مستجدات الوضع في طرابلس والتمادي في التهويل بالاسوأ، رغم تأكيد القوى العسكرية والامنية جهوزيتها التامة للتصدي لأي عمل تخريبي قد  يعرض الاستقرار للخطر و”يطيّر” الانتخابات لا سيما وأن الخطر الامني الذي يجري التحذير منه من شأنه ان يطيح بالبلد  ككل وليس بانتخابات نيابية.

 قبل حادث غرق مركب الهجرة غير الشرعية، علت موجة جديدة من مخاوف تأجيل الانتخابات ترددت أصداؤها في الصالونات السياسية من دون أن تؤثر على الحركة الانتخابية للأحزاب ومرشيحها ومرشحي قوى التغيير وحراك 17 تشرين، ربما لاقتناع المعنيين أن ثمة شريحة كبيرة من الشعب لن تقبل بتأجيل الانتخابات تحت أي حجة من الحجج المعهودة، والمكونات السياسية كافة لن تتجرأ على تجرع كأس اقتراح التأجيل ولن تضع نفسها في مواجهة مع الرأي العام.

بدأت الأوضاع  تسوء شيئا فشيئا مع بدء العد التنازلي للانتخابات النيابية المحددة في 15 ايار المقبل. فما يحاك على مستوى التهديد الامني لعاصمة الشمال خطير جداً، وفق المراقبين، ربطا بالشائعات التي تبث عن سابق تصور من قبل بعض المجموعات لمواجهة محتملة بين ابناء طرابلس والجيش قد تنذر بالاسوأ اذا لم يتم ضبط الميدان، خاصة وأن الساعات الماضية شهدت تصعيدا أمنيا يحاول بعض مكونات طرابلس وخارجها توظيفه، وفق الاجندة السياسية لكل منهم. فالفوضى المسلحة لا تتوافق مع فكرة السيطرة الأمنية التامة للدولة، الأمر الذي يفرض انتظارا لما ستؤول إليه الأحداث التي ستسبق عيد الفطر ليبنى على الشيء مقتضاه، فإذا استطاعت الدولة إحكام قبضتها الأمنية على المدينة واستيعاب الفورة الشعبية عند ذلك يمكن القول إن الأمور  عادت إلى نصابها والا سيكون مصير الانتخابات معلقا على مصير الأمن  في عاصمة الشمال.

قبل حادث غرق المركب  غير الشرعي شهدت الحدود السورية مع لبنان، حالة تأهب أمني مع ازدياد حركة تهريب البشر من سوريا إلى لبنان بشكل ملحوظ نتيجة الاوضاع الاقتصادية الحرجة. في هذا السياق، يسأل مصدر سياسي بارز، من يريد ترك الحدود فلتانة في الشمال؟ ومن يريد إبعاد الجيش عن المعابر الشرعية وغير الشرعية؟ مضيفا عندما كانت هذه المعابر مفتوحة اشتكى كثيرون من البواخر التي كانت تصل “بشكل آمن” نحو مرفأ طرابلس إبان الحرب السورية ( لطف الله 2 وغيرها)  في حين ان موقفهم اليوم  يثير الريبة خاصة وان طرابلس التي تتقاطع دائماً المعلومات الأمنية حول دورها في مرحلة سابقة مع انتقال مجموعات إرهابية إليها من سوريا، يتم استخدامها من قوى داخلية وخارجية لتمرير رسائل يجري توظيفها في استحقاقات مختلفة وفي امر عمليات لضرب الجيش والمؤسسة العسكرية كلما استدعت الحاجة من قوى نافذة، لا تكف عن استغلال العلاقة المتوترة بين ابناء بعض المدينة والجيش على خلفية أحداث مريرة خلت لحسابات قد تتقاطع بين قوى تريد تطيير الانتخابات وبين فريق يحاول بشتى الطرق حرق ورقة قائد الجيش رئاسيا واستغلال حادث الزورق في سياق الرد على أحداث الطيونة وتصفية الحسابات على حساب الطرابلسيين،  بيد أن حادت غرق الزورق لن يؤثر وفق المصدر على سير التحضير للانتخابات النيابية التي سوف تحصل في موعدها المحدد، لأن الأوضاع ستبقى ممسوكة.
وأمام مشهد زوارق الموت التي تتكرر كل حين منذ الازمة السورية، يقول المصدر نفسه أن محاولات التوظيف السياسي لما حصل  لن تجدي نفعا، فالحكومة الحالية ليست مسؤولة عن مآل الامور فهي تجهد  لمعالجة الازمة بالتي هي أحسن بيد أن قوى سياسية تستغل الظروف الكارثية لتمرير اجندتها ، علما ان المطلوب اليوم وفق اوساط مقربة من تيار المستقبل لـ”لبنان24″، من السفارات المعنية في لبنان وتحديدا الخليجية الالتفات إلى الازمة الاقتصادية التي ترخي بظلالها على المشهد اللبناني ككل والطرابلسي بشكل خاص، والاهتمام جديا  بأبناء المدينة عبر خلق فرص توظيف لهم في الرياض والدوحة على سبيل المثال بعيدا عن المساعدات الانسانية الموقتة والمحسوبة النتائج. والاكيد وفق المصدر نفسه ان التطورات الخارجية لا تصب في خانة تفجير الوضع  لبنانيا واندلاع مواجهات متنقلة وتعطيل الانتخابات النيابية، فاستحقاق 15 ايار محطة مفصلية بالنسبة للداخل والخارج  في الحراك السياسي تجاه حكومة ما بعد الانتخابات واستحقاق رئاسة الجمهورية، بمعزل عن تضارب الرؤى بين قوى الاكثرية من جهة والدول المعنية بلبنان.