بشكلٍ متواصل وعمل دؤوب، يسعى الحزب “التقدمي الإشتراكي” في دائرة الشوف – عاليه لـ”قطف الحواصل الانتخابية” عبر عملية “تجييش” داخليّة.
من الآن وحتى يوم الانتخابات يوم 15 أيار، تسيرُ ماكينة الحزب بين الألغام، لاسيما أن هناك الكثير من الثغرات التي يتم السعي لتفاديها بسرعة. هنا، فإنّ الأساس في تلك الثغرات هو النقص الكبير الذي تركه تيار “المستقبل” على الصعيدين العملاني والتنظيمي، إذ أنّ الأخير كان يُجنّد المئات من شبابه للانخراط في العملية الانتخابية، وما ساعده بشكل كبير هو حركة “الإنتساب” التي كانت مستمرّة بشكل دائم وعلى نحو مُتزايد.
اليوم، ومع انسحاب “المستقبل” من المشهد الانتخابي، بات “الإشتراكي” يواجه نقصاً مستجداً في الكوادر الانتخابية، حتى وإن كان هذا الأمرُ قد تمّ تعويضه في بعض المناطق عبر كوادر حزبيّة عتيقة. إلا أن الأساس في هذه المسألة يرتبطُ بشكل مباشر بكوادر شبابية يمكنها الانغماس حقاً في العمل الانتخابي، وتحديداً عندما يرتبطُ الأمرُ بالتقنيات والتحركات والجولات.
لا يُخفي أحد مسؤولي “الإشتراكي” في إقليم الخروب المشكلة التي تواجه حزبه على صعيد الماكينة الانتخابية، فيقول لأحد المقرّبين منه إنّ “تيار المستقبل ترك فراغاً في بعض المناطق، لأن شبابه كانوا يعملون بقوة وكخلايا نحلٍ ويوفرون على الحزب الإشتراكي الكثير من الوقت والجهد”.
في العام 2018، كانت خلايا “الخرزة الزرقاء” تنشطُ في كل الدوائر الانتخابية، وفي الشوف – عاليه، فقد كانت المساندة أساسية من خلايا لائحة “المصالحة”. أما اليوم، فإنّ كوادر “الإشتراكي” باتت وحيدة في المناطق ذات الطابع السني وتحديداً في إقليم الخروب، وهي مسألة يسعى “الإشتراكي” لحلّها بسرعة قصوى، إذ بات مطلوباً من مسؤولي الحزب والفروع السعي بجهدٍ كبير لتجنيد شبابٍ في الماكينة الانتخابية. حتماً، الأمر هذا يريده تيمور جنبلاط بشكل أساسي ولا تنازل عنه، وقد أكّد عليه مراراً في جلسات كان يعقدها مع مختلف مسؤولي الحزب.
وسط كل ذلك، فقد باتت على كل مرشح محسوب على “الإشتراكي” مسؤولية تشكيل كوادر المندوبين التابعين له، وذلك بمنأى عن الحزب. أما من الناحية المالية، فقد تبيّن أن “الإشتراكي” قد أبلغ المرشحين بتقديم مبالغ في وقتٍ قريب، وذلك من أجل تمويل الماكينات الانتخابية على أكثر من صعيد. كذلك، تقول معلومات “لبنان24″ إنّ الحزب هو الذي يدفعُ إطلالات مرشحيه التلفزيونية بـ”الدولار الفريش”.
ماذا عن اللوائح المتبقية؟
على صعيد اللوائح الأخرى، فإنّ الوضع قد يختلف بعض الشيء. ففي ما خصّ لائحة “الجبل”، فإن ما يتبين هو أنّ الأحزاب الموجودة فيها تعملُ مع كوادرها التنظيمية على حشدِ المندوبين والفاعلين انتخابياً. ففي ما خصّ الوزير السابق وئام وهاب، فما ظهر مؤخراً هو أن الماكينة الانتخابية الخاصة بالأخير باتت جاهزة في مختلف المناطق، وقد تجاوز عدد المندوبين الـ1100 شخص في كلّ الشوف. أما على صعيد “الوطني الحر”، فإنّ السعيَ كبير من قبل الهيئات الحزب في المناطق، وذلك من أجل تعزيز العاملين ضمن المعركة الانتخابية، في حين أن الأموال التي يدفعها التيار للمندوبين جرى تعزيزها لتتراوح بين 150 و 200 دولار.
وبشأن المرشحين الآخرين المستقلين، فإنّ تكلفة الكوادر الانتخابية تسيرُ على وتيرة ترتبطُ بالانفاق الخاص، أي أنه لا تمويل شامل على صعيد اللائحة. وبعكسِ بعض اللوائح، فقد جرى الطلب قبل أيام قليلة من المرشحين دفع مبلغ 150 مليون ليرة كـ”دفعة أولى”، وقد عقد في دارة الأمير طلال أرسلان في خلدة لقاء بهذا الخصوص، قبل أيام.
ووفقاً لمعلومات “لبنان24″، فإنّ معظم المرشحين أبدوا مطالعتهم التي تشيرُ إلى أنه ليس لديهم قدرة على الدفع، في حين أنّه جرى الاتفاق على عدم إقامة مهرجان لإطلاق اللائحة.
على صعيد لوائح المجتمع المدني، فإنّ “الدولار كثير” ودفع الأموال يتزايدْ. فعلى خط الساحل بين صيدا وبيروت، تظهر لافتات عملاقة لمرشحين من ” لوائح تغييرية” وما يتبين هو أنّ تكلفة تلك اللافتات باهظة خصوصاً في موسم الانتخابات. إضافة إلى ذلك، فإنّ الإنفاق على الترويج عبر وسائل التواصل الاجتماعي يأخذُ حيزاً واسعاً، فضلاً عن توزيع اعلانات للائحة على أكثر من جبهة. أمّا الأمر الأبرز هو أن تلك ” اللوائح التغييرية” دفعت أموالاً باهظة لصالح قنوات تلفزيونية من أجل ظهور مرشحين منها عليها، ويُقدّر مراقبون أن الأموال التي جرى دفعها للمقابلات تجاوز الـ200 ألف دولار.
يشيرُ مراقبون إلى أن الإنفاق بهذا الحجم إنّما يعتبرُ كبيراً جداً في وقتٍ فيه عائلات كثيرة من ضائقة اقتصادية ومالية. ووفقاً لمصادر مراقبة، فإنّ “المدفوعات الهائلة كان يمكن استثمارها لمساعدة الفقراء والناس في ظلّ الأوضاع الصعبة، كما أنه كان بإمكان اللائحة تكريس تلك الأموال في مشاريع حيوية”.
مع كل هذا، فإنّ “لائحة سيادية” اخرى تعتمدُ على مرشحيها بشكل خاص، والتمويل هنا يرتبطُ بنطاق فردي وليس جماعي. أما في ما يتعلق باللوائح الأخرى فالأمور تندرجُ في سياق إنفاق انتخابي مضبوط نوعاً، نظراً لعدم وجود مقدرات مالية هائلة.
وعندما يرتبط الأمر بالماكينات الانتخابية والمندوبين، فإنّ كل لائحة تسعى إلى تعزيز نفسها بجيش من الشباب والسيارات. هنا، فإنّ دفع الأموال بدأ يتعزز بشكل كبير، في حين أن عملية الاستقطاب لأفرادٍ مستقلين قد بدأت فعلاً.
وعلى هذا الصعيد، فقد تبين أن جماعات المجتمع المدني بدأت تتغلغل في أوساط البيئة السنيّة لقطف شباب منها عبر دفع أموالٍ ووعود بدعمٍ مستقبلي، وهذا الأمر تفعله مختلف الأطراف السياسية أيضاً بمعزلٍ عن التوجهات والاختلافات القائمة بين الشباب. وعند هذه النقطة، فقد تبين أن مرشحين ضمن لائحة قوية في الشوف – عاليه بادروا في الفترة الماضية إلى تكريس توظيفات لمقربين منهم وبـ”الدولار الفريش” وذلك من أجل الاستفادة منهم ومن عائلاتهم في الانتخابات.
في المحصلة، فإنّ توسع المال الانتخابي كبيرٌ جداً، سواء من قبل لوائح السلطة أو لوائح “التغيير”. وهنا، فإنّ الوضع القائم يكشف عن سلوكٍ غير صحي لمختلف الجهات الانتخابية، وكل ذلك سينكشف في يوم الاقتراع وسينعكس بنسبة المشاركة وبالنتائج.