من الشمال إلى الجنوب.. “سيناريو أمني” على أبواب الانتخابات؟!

26 أبريل 2022
من الشمال إلى الجنوب.. “سيناريو أمني” على أبواب الانتخابات؟!


قبل أقلّ من ثلاثة أسابيع من الموعد المقرّر للانتخابات، لا يزال احتمال “تطيير الاستحقاق” واردًا في مخيّلة كثيرين، في ظاهرة تبدو “غير صحية”، وأكثر من “مستغرَبة”، إلا أنّها وجدت على ما يبدو “مقوّماتها” في الساعات الماضية، من خلال العنوان “الأمني” الذي فرض نفسه مجدّدًا في “صدارة” الاهتمامات، من باب “التوتر” الذي تمدّد من الشمال إلى الجنوب، والذي يُخشى أن يشكّل “ذريعة” لتعطيل الانتخابات.
 
ففي الشمال، كان بديهيًا أن تغيّر كارثة “قارب الموت” كلّ الأولويات، وأن يسود “الغضب والتوتر” على وقع تشييع الضحايا الذين قضوا وهم يحاولون “الفرار” من واقع مُرّ ما عادوا قادرين على “التطبيع” معه، في وقتٍ كان لافتًا انتشار القوات الأمنية واستقدامها لتعزيز لضبط الوضع ومنع انفلاته، والوقوف في وجه أيّ “طابور خامس” قد يستغلّ الأحداث لافتعال المشاكل، ولا سيما أنّ عمليات البحث عن المفقودين لم تنتهِ بعد
 
أما في الجنوب، فجاءت الصواريخ “المجهولة” أو “اللقيطة” التي أطلقت فجر الإثنين باتجاه الأراضي المحتلة من دون سابق إنذار، لتطرح أكثر من علامة استفهام، فهل تزامنها مع أحداث طرابلس مجرّد “صدفة”؟ وما خلفيّات التوقيت الذي ربطه البعض بالتوترات التي شهدها محيط المسجد الأقصى الأسبوع الماضي، لكنّه جاء بعد “هدوء” الجبهات، لا في ذروة “اشتعالها”؟ وهل ثمّة من يبحث عن “مواجهة” قد “تطيح” في طريقها بكلّ الاستحقاقات؟!
 
 الوضع “تحت السيطرة”
إن دلّت هذه الأحداث المتزامنة، سواء عن “عفوية وبراءة” أو “سابق تصوّر وتصميم”، على شيء، فعلى أنّ الوضع الأمني ليس في أفضل أحواله، وأنّه قد “ينزلق” في أيّ لحظة، ليُدخِل البلاد في “متاهات”، في “سيناريو” سبق أن اختبره اللبنانيون مرارًا وتكرارًا، إلا أنّ الخشية الكبرى اليوم هي أن يكون هناك من يدفع أساسًا باتجاهه، باعتبار أنّه قد يكون “البوابة” التي يمكن من خلالها “تبرير” تأجيل الانتخابات المنتظرة في غضون ثلاثة أسابيع.
 
لكنّ المعنيّين يؤكدون أنّ الوضع يبقى حتى الساعة على الأقلّ، “مضبوطًا وتحت السيطرة”، فقد استطاع الجيش اللبناني، إلى جانب القوى الأمنية المختلفة، من تكريس نوعٍ من “الهدوء” في مدينة طرابلس، وإن بقي “حَذِرًا” إلى حدّ بعيد، بالتوازي مع استمرار “الغضب والاحتقان” بعد الحادث الكارثيّ الذي نزل نزول الصاعقة على أبناء المدينة، في ظلّ مخاوف قد تكون “مشروعة” من وجود محاولات لـ”توظيفه” من أجل “توتير” المشهد.
 
أما ما حصل في الجنوب في توقيت بدا “حسّاسًا”، فيتعامل معه المعنيّون على أنّه “مجرد حادث” لن يجرّ إلى أيّ مواجهات، في ظلّ استبعاد أيّ دور لمجموعات لبنانية كـ”حزب الله” على خطّه، ولا سيما مع تقدّم فرضية وقوف الفصائل الفلسطينية خلفه، من باب “التضامن” مع المسجد الأقصى، في وجه الاعتداءات والانتهاكات الإسرائيلية، ولو أنّ هناك من يخشى أن يكون “مقدّمة” لسلسلة من العمليات المشابهة، ما يتطلّب “يقظة أمنية” من أعلى المستويات.
 
لا خطر على الانتخابات
لكن، إذا كان المعنيّون يؤكدون أنّ الوضع “تحت السيطرة”، فإنّ ما حصل كان كافيًا ليعزّز بالنسبة لكثيرين “الشكوك” التي لا تزال محدقة بالاستحقاق الانتخابيّ، وليطرح أكثر من علامات استفهام، فماذا لو “انزلق” الوضع الأمني أكثر في الأيام المقبلة، خصوصًا أنّ هناك من رأى في ما حصل مجرد “بروفا” تهيئ الأرضية للمزيد من الخضّات الأمنية؟ وهل بات “الخطر” على الانتخابات جديًا وحقيقيًا، بل ملموسًا هذه المرّة؟
 
بالنسبة إلى العارفين، فإنّ الحديث عن “خطر” على الانتخابات، وعن “مخاوف” تحدق بها، بل عن “مؤامرات ونوايا” لتأجيلها وتعطيلها، تحت أيّ عنوان وذريعة، لم يعد ذي جدوى اليوم، لأنّ إجراء الانتخابات بات أمرًا واقعًا، وكلّ التحضيرات أنجزت لها، وبالتالي فإنّ تعطيلها لا يمكن أن يجري إلا على وقع “ظروف قاهرة”، تصل إلى حدّ “حدث أمني مزلزل”، وليس مجرّد “حوادث أمنية”، مهما كبر أو صغر حجمها بطبيعة الحال.
 
ويشير هؤلاء إلى أنّ إجراء الانتخابات بات “شبه محسوم”، وما عاد منطقيًا “التشكيك” بذلك، عند كلّ استحقاق أو مفصل، لكنّهم يلمّحون إلى وجود جهات “مستفيدة” من الترويج لهذا المناخ “التشكيكي” تقف خلفه، ربما من باب “إحباط” الناس، وبالتالي إضعاف المعنويات إلى حد بعيد، وربما خفض مستوى “الحماس” للمشاركة والاقتراع إلى حدوده الدنيا، وهو ما يصبّ “انتخابيًا” في مصلحة قوى معيّنة، تدور في فلك “المنظومة”، بشكل أو بآخر.
 
مع أنّ “الخطر” على الانتخابات ينبغي أن يكون قد ولّى، يُعتقد أن “نغمة” الخوف على الاستحقاق ستلازم اللبنانيين طيلة الفترة “الفاصلة” عن “اليوم الموعود”، ليبقى “الخوف الأكبر” من “طابور خامس” قد يسعى لافتعال توتّرات وإشكالات أمنيّة، توازيًا مع تلك الإشكالات السياسية التي قد تكون طبيعية في هذه المرحلة، ما يضع البلد، لا الاستحقاق بحدّ ذاته، في مهبّ “الريح”!