الشيعة ينتفضون على صيغة 43: لنا حِصَّتُنا!

27 أبريل 2022
الشيعة ينتفضون على صيغة 43: لنا حِصَّتُنا!


كتب طوني عيسى في “الجمهورية”: منذ «صفقة» 1943 المارونية- السُنّية، بدا الشيعة وكأنّهم خارج «النظام» أو على هامشه. ومع حركة الإمام السيّد موسى الصدر، بدأوا ينتفضون على هذا النظام. وبعد الثورة الإسلامية في إيران، ثم نشوء «حزب الله»، اتخذت المسألة أبعاداً استراتيجية.
 
في اتفاق الطائف 1989، جرى انتزاع «امتيازات» القيادة من أيدي المسيحيين، ووُزِّعت على السُنَّة في الدرجة الأولى والشيعة في الدرجة الثانية. وقد ارتضى الشيعة ذلك على مضض، لأنّ نظام الأسد عوَّضهم بالتطبيق. وبعد خروج سوريا، انتفضوا وحاولوا التعويض في تسوية الدوحة التي شكّلت منصّة انطلاق نحو إمساكهم بالقرار، وتكرَّس لهم ذلك بإيصال الرئيس ميشال عون إلى الحكم.
 
اليوم، يمتلك «الثنائي الشيعي» قرار المجلس النيابي والتشريع ووزارة المال. فلا مجال لأي تمويل في الدولة، مهما كان ضئيلاً، إلّا بموافقته. وعلى مدى سنوات، نجح «الثنائي» في الحصول على ما يريد من مصرف لبنان، لكن مُلكية القطاع المصرفي بقيت مسيحية- سنّية، بغالبية ساحقة. وهذه المسألة أثارها طرفا «الثنائي» مراراً، واعتبراها جزءاً من واقع استقواء «النظام القديم».
 
لذلك، يسعى «الثنائي» اليوم إلى التحكُّم بالمال والمصارف تماماً. وهو لن يسهّل إعادة هيكلة القطاع المصرفي إلّا إذا خلقت توازناً طائفياً في المؤسسات المصرفية، إما بدخول المستثمرين الشيعة في ملكيتها وإما بخلق مصارف يملكها شيعة تحقق التوازن مع المصارف القائمة حالياً، بعد عمليات تصفية ودمج تُقلِّص أعدادها وأحجامها.
 
في الموازاة، يريد «الثنائي» انتزاع جزء من الصلاحيات المناطة بحاكمية مصرف لبنان، فلا تبقى محصورة في موقع واحد، ويكون للشيعة جزء منها. وهذا الأمر سهل تحقيقه في خضم الأزمة التي تعصف بالمركزي، والتي ستنتهي بتظهير واقع جديد. وهذه الحقائق أساسية لفهم ما يجري اليوم في ما يتعلق بـ»الكابيتال كونترول» وخطة النهوض والموازنة والاتفاق مع صندوق النقد الدولي وكل أوجُه الأزمة المالية والنقدية والمصرفية.
 
إذا نجحت خطة «الثنائي» في الثأر من النظام المالي- المصرفي القديم، كما النظام السياسي القديم، فسيكون الشيعة شركاء أقوياء في بنية القطاع المصرفي، وسيمسكون بالقرار المالي تماماً: رئاسة المجلس النيابي، أي التشريع، ووزارة المال. وسيشاركون بفاعلية في قرار المصرف المركزي.
 
واقعياً، سينتقلون من كونهم طائفة محرومة منتفضة على الامتيازات المسيحية- السنّية إلى كونهم طائفة «ممتازة». وسيكونون الأقوى في القرارات الأساسية التي يحتّمها نهوض البلد في المرحلة المقبلة، سياسياً وأمنياً ومالياً، والتي ستقرّر أين سيكون على خريطة الصراعات في الشرق الأوسط.
هذا الأمر هو المُنتظر تحقيقه في المؤتمر الدولي- التأسيسي الذي يعمل الفرنسيون والسعوديون على إنضاجه وإطلاق خطواته التنفيذية بعد التسوية في أوكرانيا وولادة اتفاق حول النووي الإيراني وإبرام تفاهم سعودي- إيراني جديد في بغداد.
 
ولأنّ الاتفاقات تترجم توازنات القوى دائماً، بديهي أن يأتي الاتفاق الجديد مؤاتياً لإيران وحلفائها، لأنّهم الأقوى. والفرنسيون سلّموا بهذا الواقع عندما لمس رئيسهم إيمانويل ماكرون استحالة استعادة التوازن الذي أرسوه بين الطوائف اللبنانية عند «استيلادهم» كيان «لبنان الكبير» قبل أكثر من 100 عام.
 
ولكن، ستحاول باريس والرياض الحفاظ على ما أمكن من مرتكزات «النظام القديم»، المسيحية- السنّية، لئلا يقع البلد تماماً في يد إيران. وستمارس الأولى دورها التقليدي في الحفاظ على دور مسيحي، وتتولّى الثانية حماية الدور السنّي.
وفي المقابل، ستقف إيران للمرّة الأولى مدافعةً بقوة عن الدور الشيعي، وعن مصالحها على بوابة المتوسط الشرقية وحدود أوروبا وإسرائيل. وسيضطر الجميع إلى مراعاة مطالبها لأنّهم محشورون بين إيران والولايات المتحدة. وستكون التسوية المنتظرة من المؤتمر الدولي التأسيسي بمثابة «تصحيح» إيراني للتوازنات التي أرساها الطائف السعودي.