كتب نقولا ناصيف في “الاخبار”: أسبوعان اثنان فاصلان عن صناديق الاقتراع وثلاثة أسابيع عن نهاية ولاية البرلمان الحالي. مدة كافية للاقتناع أخيراً بأن الاستحقاق واقع في موعده، من دون أن يهبط من خارج الطبقة السياسية الحاكمة ما يشير – حتى الآن على الأقل – إلى أن الصدمة المعاكسة حاصلة.
يتحدّث بعض المشتغلين في استطلاعات الرأي الممهدة لانتخابات 2022 عن ظاهرة راحت تستوقفهم في الأسابيع الأخيرة، يعجزون عن تفسيرها. أرقام الاستطلاعات متناقضة بعضها مع بعض، أسبوعاً بعد آخر، تجرى على العينة نفسها في المنطقة نفسها والطائفة نفسها بالقياس والمواصفات والمعايير نفسها، فإذا النتائج مختلفة والاستنتاجات متفاوتة. أكثر ما يُلمس هذا التعارض في الشارع السنّي. ما يفصح عنه ناخب في أسبوع يتراجع عنه في الأسبوع التالي. بعد أن يكون أكد في المرة الأولى لمَن سيقترع، تعود الشكوك إليه في المرة التالية، ويتردد في إظهار موقفه أو لا يظهره حتى.
لم تقتصر الفروق الفادحة على السنّة وإن كانوا الأكثر اضطراباً، بل شملت طوائف أخرى بتفاوت، خصوصاً أولئك غير المنتظمين في الآلات الحزبية أو ما يُعرف بالبلوكات المحمولة المحددة الخيارات سلفاً. في الشارع الشيعي التباين والتردد قليل الظهور، وبعض مَن لا يعكسه – وهؤلاء قليلون حتماً – يحاول إخفاء ورقة اقتراعه تفادياً لإحراجه المبكر أو مضايقته.
ليس ثمة تفسير قاطع للظاهرة الملموسة في الأسابيع الأخيرة سوى أن الناخبين المعوَّل على تصويتهم لم يقطعوا بعد في خيارات اقتراعهم: إما أن المستطلَعين يتلاعبون بالاستطلاع نفسه ويستخفّون به، أو أنهم يكذبون، أو يتقلبون في اتجاهاتهم، أو باتوا حيارى لا يعرفون مَن يختارون؟
لم تخفَ هذه الملاحظة عن رؤساء الأحزاب الرئيسية ولوائح الائتلافات الذين بدأوا أخيراً حملة مضادة، تحض على الإقبال على صناديق الاقتراع بشتى الوسائل: تارة بتوجيه الاتهامات إلى الخصوم، وطوراً بإظهار انتخابات 2022 على صورة انتخابات 2005 و2009 – أو تكاد – على أنها انتخابات قضية ومصير، ومرة ثالثة بتنشيط التعبئة المالية والسخاء في المساعدات بغية استقطاب المصوِّتين. بذلك أضحى الجدل الدائر من حول الاستحقاق في الأيام الأخيرة الفاصلة عنه، يدور من حول مشكلات ثلاث متلازمة، إحداها ترفد الأخرى بتداعياتها، دونما التمكن من فصل هذه عن تلك، أو معالجة تلك منفصلة عن هذه: أرقام المشاركة، أصوات الاغتراب، الصوت السنّي.
في الإفطارات التي نظمها السفير السعودي في بيروت وليد البخاري قبل أيام، علّق على أحد سائليه بالقول إن السنّة جميعاً سينزلون إلى التصويت.