قبل بداية الصمت الانتخابي الذي ستكون له 3 مراحل خلال الفترة السابقة للانتخابات النيابية المقبلة، لتكون هذه المرة الأولى عبر تاريخ لبنان التي يصمت فيها المرشحون لأكثر من مرة، فان انتخابات المغتربين التي ستبصر النور خلال الأيام القليلة المقبلة، أضافت مساحات الصمت الإلزامي، ما دفع الراغبين بالوصول إلى برلمان 2022، الى الادلاء بدلوهم بشكل سريع نظرا لاقتراب مواعيد الصمت المذكورة.
وفي الحديث عن الصمت، لا بد من الإشارة إلى أن الحلبات الانتخابية، تشهد حبس أنفاس على أكثر من صعيد وفي أكثر من اتجاهات، ولربما تكون الحلبة المسيحية، واحدة من أبرز الحالات التي تعيش حبس أنفاس وضيق نفس مترافق مع حالة الترقب والانتظار.
فهذه الحلبة يتصارع فيها “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية” و”الكتائب” و”المردة”، بالإضافة إلى بعض الشخصيات المستقلة ومجموعة من الشخصيات التغييرية التي التحقت مؤخرا بقطار العمل الانتخابي، في مساحة متحركة وغير جامدة .
من هنا وعلى الرغم من الحديث عن أكثريات وأحجام كبيرة لبعض الافرقاء المسيحيين، يرى البعض أنه من غير الممكن الجزم في هذا الإطار، فقياس التوجه المسيحي العام تتحكم فيه عدة عوامل متداخلة ومتشابكة.
ف”تيار العهد”، الذي رفع راية التغيير والإصلاح ابتداء من العام 2005 كانت له فرصة الوصول إلى الحكم من خلال تكتل نيابي يتخطى الـ 20 نائبا بين محازب وصديق وحليف، ومن خلال حصص وزارية وازنة من حيث العدد والنوع في آن معا ، ومن خلال وصول العماد ميشال عون إلى سدة الرئاسة الاولى، وعلى الرغم من كل هذا اتخذ من “ما خلونا ” شعارا والجميع يعلم ما تبقى من الحكاية.
من هنا، تشير بعض الإحصاءات إلى أن الانتخابات المقبلة ستضع التيار أمام تراجع عددي، اذ ان عدد نوابه سيتأرجح ما بين ال ١١ و ١٧ نائبا بالحد الاقصى، لذلك تجد أن بعض النواب من تكتل لبنان القوي الحاليين وفي مختلف تصاريحهم الحديثة يشددون على أن نواب التيار المباشرين في الـ 2018 كانوا 18 نائبا.
أما “حزب السيادة”، الذي بدوره عاش النجومية من خلال العدد المتقدم الذي حصده في انتخابات 2018، والذي انتخب العهد وشاركه الحكومات قبل أن يعود ويتخلى عن الشعار الشهير “اوعا خيك”، فإنه سيختبر خلال انتخابات 2022 التراجع العددي على الرغم من محاولته الترويج عبر الإعلام أنه سيحصد أكبر كتلة مسيحية على الاطلاق، فوفقا لبعض الإحصاءات، سيجد هذا الحزب نفسه غير من الحصول على أكثر من 13 نائبا كحد أقصىى.
وفي ما يخص رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، يبدو الوضع مغايرا، فعلى الرغم من صغر حجم كتلته النيابية، المبنية في الأساس على تحالفات وطنية يتخللها حضور لجميع الطوائف والمذاهب،فان هذه الكتلة ستحافظ على عددها ووحدتها وعلى الأرجح ستتمكن من إضافة نائبين إلى صفوفها لاسيما انه بات شبه مؤكد حضور المردة الرسمي والنيابي في عاصمة الشمال طرابلس.وبناء على هذه المعطيات ووفقا لعالم الأرقام والحسابات، ستبقى كتلتا “التيار الوطني الحرّ” والقوات اللبنانية” أكبر عدديا من كتلة”المردة”، لكنهما ستشهدان تراجعا بينما ستشهد كتلة الوزير فرنجية ثباتا وتقدما، وهذا ما ليس سهلا في زمن النقمة والصوت العقابي والانهيار وتبدل المزاج اللبناني العام.