كل المناورات متاحة للربح

2 مايو 2022
كل المناورات متاحة للربح


كتب وليد شقير في” نداء الوطن”: تتعدد المناورات الانتخابية عند الأحزاب التقليدية الرئيسية في مواجهة الخصوم، ويمكن القول إن جميع الفرقاء الذين يخوضون المنازلة الانتخابية يتبعون مناورات مدروسة للتثبيط من عزائم خصومهم بشتى الوسائل، على قاعدة حساباتهم للنتائج التي سيحصدونها.

من الأمثلة على ذلك، وفي وقت يتصرف هؤلاء الفرقاء على أن الانتخابات حتمية وحاصلة في 15 أيار ولن يوقفها أي شيء، إلا إذا حصلت حرب ما، وهذا مستبعد، فإن قطارها لن يتوقف. وحتى العوائق المالية المتعلقة بتأمين ما ينقص من مال لوزارة الخارجية، جرت وتجري المساعي لتأمين النقص الذي طرأ على تكاليف تعيين المندوبين الذين سيتولون رئاسة أقلام الاقتراع والإشراف على الصناديق وتسليمها إلى شركة الشحن لنقلها إلى خزائن البنك المركزي لحفظها حتى يوم فرزها بانتهاء العملية الانتخابية في لبنان. وبالتالي لا مجال لأن يكون اقتراع المغتربين عائقاً أمام إجراء هذه الانتخابات.
لكن هناك فرقاء، لا سيما في فريق الممانعة الذي يتقدمه “حزب الله”، وعلى رغم فائض الثقة بالنفس بأنهم سيحصلون على الأكثرية في هذه الانتخابات، وأنه سيكون مستحيلاً على خصومهم أن يحصلوا على الأكثرية كما قال نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم، ما زالوا يشككون باحتمال حصولها عبر بعض التسريبات، في بعض المناطق التي يخشون من ألا تتطابق حساباتهم مع النتائج فيها.
ويتقصد هذا التكتيك إبلاغ بعض أوساط المرشحين المنافسين لهم في القرى التي تتداخل فيها الخصومة الحزبية مع العلاقات القروية والعائلية والاجتماعية التي يحرص عليها أبناء بعض المناطق، بمعلومات يوحون بأنها “سرية” أو أن مصدرها “عالي المستوى”، بأن لا انتخابات. والهدف من ذلك أن يسترخي المرشح المنافس فلا تندفع ماكينته الانتخابية في التخطيط للإنفاق على تأمين النقليات للناخبين، أو أن يخفف من تكاليف أخرى واجبة عليه في الدعاية والتواصل على الصعيد الشعبي، حتى إذا التوقيت المناسب للتأجيل الواهم للانتخابات، يكون احتفظ بماله في جيبه… يُتبع هذا التكتيك خصوصاً إذا كان المرشح المنافس قادراً على استنفار جزءٍ من الجمهور في منطقته، ليضيفه إلى رصيد الحاصل الانتخابي للائحته أو ليكسب منه صوتاً تفضيلياً، يضع المرشح المقابل للفريق الذي يعتمد هذا التكتيك الدعائي، في حالة خطر السقوط في المنازلة، المعرضة للمفاجآت في اللحظة الأخيرة ليوم الاقتراع، أمام الغموض والتشتت في الأصوات التي ما زال مجهولاً إلى أين ستذهب، لا سيما بالنسبة إلى شريحة واسعة من الناخبين الذن يترددون في خياراتهم، وحتى في التوجه إلى الصناديق.

تحصل هذه المناورات في بعض المناطق حيث يحتسب فريق الممانعة الأصوات التفضيلية بدقة لتوزيعها على الحلفاء بعد المحازبين. وهي تشمل أيضاً الدور الذي لعبه فريق الممانعة في دفع بعض المرشحين، لاسيما الشيعة، إلى دخول المعركة بالتحالف مع الخصوم، ثم العمل على سحبهم بهدف خفض حاصل اللوائح الخصمة. ففريق الممانعة كان الأقدر على ممارسة هذه المناورات، لأن إدارة المعركة في صفوفه، تتصف بقدر واضح بوحدة المرجعية التي يتولاها “حزب الله”. فالتخطيط المسبق لدى الجهة القيادية في هذا الفريق ساهمت أيضاً في تشتيت لوائح المجتمع المدني التي جرى اختراق بعض مجموعاتها، ما ساهم في تعدد لوائح ما يسمى ب”التغييريين”، الرافضين للتعاون مع رموز الطبقة الحاكمة المتهمة بالفساد على قاعدة “كلن يعني كلن”، حتى لو كانوا من المعارضين لهيمنة “حزب الله”.حسابات فريق الممانعة حسب أوساط قيادية رفيعة فيه، كانت قبل شهرين أنه سيحصل على 69-70 نائبا، لا سيما بسبب عزوف زعيم تيار “المستقبل” الرئيس السابق سعد الحريري، واتجاه جمهور “التيار” نحو مقاطعة عمليات الاقتراع، نظراً لانكفاء زعيمه الذي يبقى حائزاً على الأرجحية الحاسمة في تمثيله وعلى رمزية الزعامة السنية، وبفعل تشتت أصوات حراك 17 تشرين.لكن هذه الأوساط القيادية في الممانعة راجعت حساباتها، كما تقول نتيجة عوامل طرأت، منها المحاولات التي بذلت لاستنفار الجمهور السني على قاعدة توضيح المرشحين الموالين للحريرية السياسية بأن زعيم “المستقبل” عزف عن الترشح ولم يدع جمهوره إلى المقاطعة. وترى الأوساط القيادية في محور الممانعة أن العودة الخليجية إلى لبنان ولا سيما السفيرين السعودي وليد بخاري، والكويتي عبد العال القناعي، أنعشت جزءاً من الجمهور المعادي ل”حزب الله” وسلاحه. ويتفق بعض المراقبين مع هذا الانطباع، لأن العودة السعودية تعني بالنسبة إلى هذا الجزء من الجمهور السني بأن لبنان والطائفة السنة ليسا متروكين لهيمنة إيران، فبات نسبياً ميالاً للمشاركة في الانتخابات. وهذا التطور أدخل تعديلاً على تقييم فريق الممانعة للنتائج المحتملة، بحيث صار يتوقع فوزه بأكثرية تناهز ال65 نائبا، أي النصف زائداً واحداً. ومع أن هذا التوقع يستند إلى حسابات شديدة الحذر كما ترى الأوساط القيادية في الممانعة، أي تتوخى استشراف الحد الأدنى المضمون، فإنه يعني التقارب في النتائج، بحيث لا يمكن ضمان كيفية حصول تحولات في أوساط المقترعين، بحيث بات يفرض القيام بكل شيء من أجل ضمان النتائج لمصلحة الحزب وحلفائه، مهما تطلب من مناورات ضد المنافسين، وضغوط على بعضهم ممن يمكن أن يحرموه من الحصول على الأكثرية