مصير الأوطان لا تقرّره الأمعاء بل الكرامة

3 مايو 2022
مصير الأوطان لا تقرّره الأمعاء بل الكرامة


ألقى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان خطبة العيد لهذا العام بعدما أدى صلاة العيد في مسجد الإمام الحسين، في منطقة برج البراجنة، “يمر علينا عيد الفطر هذا العام، ونحن نعيش أعتى معركة داخلية وخارجية، لأن من يريد رأس لبنان قد وظف كل إمكاناته للقضاء على هذا البلد العزيز، من خلال أدوات الفتك السياسي والمالي والاقتصادي والمعيشي والاجتماعي، فنهب ودائع ناسه، وأفلس الدولة، وشل قدرتها، وصادر قرارها السياسي النقدي، وأغرق البلد بالجريمة والفوضى والعتمة والبطالة والتضخم والبؤس، فضلا عن التحكم بالأسواق وقطاع الدواء والاستشفاء والإعلام والمال”. 

 
وتابع: “ما أصاب هذا البلد المظلوم سببه الفساد والارتهان، والفساد والارتهان أكبر مظاهر إبليس، ومن يكون لله لا يكون في معسكر إبليس، سواء كان بالسياسة أو المال أو الأسواق أو الاقتراع أو غيرها، ومن كان مع الله أيها الإخوة كان الله معه، وليس شيء أكبر من الله العظيم”. 
“. 
 
وأضاف: “اليوم أيها الإخوة البلد منهوب، والإفلاس عم مؤسساته، ولعبة الدولار السياسي تدار على طريقة الغزوات، ولا شك أن عوكر وطواقمها رأس فيها، ومشروع خنق الناس ومعركة السيطرة على أسواقنا وسلعنا والعمل على تهجير أجيالنا وشبابنا أمر منظم للغاية، تماما كمشاريع نهب موارد الناس، ومصادرة رغيف خبزها، ونسف إمكاناتها المهنية، بما في ذلك ترك النزوح بلا تنظيم. ولذلك قلنا ونقول بأن إحدى أكبر معاركنا الوطنية والانتخابية يجب أن تركز على تطهير السلطة، وإدارات الدولة ومؤسساتها من النفوذ الأميركي. وموقفنا ليس الإدانة فحسب، بل نحن جزء من المواجهة الوطنية الكبرى، ولذلك سنخوض معركة الاستقلال الوطني، والإنقاذ السياسي مع كل القوى الوطنية، بما في ذلك معركة الانتخابات النيابية المصيرية”.  
 
وتوجه الى اللبنانيين بعامة والشيعة بخاصة: “الاستحقاق الانتخابي عبادة كبرى، وفريضة وطنية وأخلاقية ودينية حاسمة، والتردد ممنوع بل حرام، وترك المعركة الانتخابية حرام، والورقة البيضاء حرام، لأن البلد والسلطة أمانة الله، إياكم أن تضيعوها، ومن يعتزل المعركة الانتخابية، إنما يعتزل أكبر فرائض الله، ومعركتنا مع شياطين الإنس أخطر من معركتنا مع شياطين الجن، والأميركي مع حلف إقليمي تطبيعي يخوض معركة إنهاك لبنان، وحرق الأخضر واليابس، بهدف صهينة لبنان، والحياد ما هو إلا جريمة كبرى، والمعركة معركة مصيرية. وهنا أقول لسماسرة واشنطن: من يتاجر بوطنه أسوأ من إبليس، ونحن نعرف تماما الأسعار والفواتير وثمن الحملات المسعورة، لكن أتأسف لخوض واشنطن وحلفائها حرب حرق البلد، عبر طبقات سياسية ومالية وإعلامية بأثمان بخسة”. 
 
وتابع: “أيها الإخوة المؤمنون في الخامس عشر من أيار سنخوض أكبر معركة وطنية، والعين على تحرير القرار السياسي، وإنقاذ البلد من التبعيات الخبيثة. والقضية ليست قضية غالبية نيابية متجانسة بقدر ما هي أولويات وأهداف وطنية، والباقي تفاصيل، والحر شجاع، والشجاع قوي، والأوطان لا تقوم إلا بأحرارها الشرفاء الشجعان. وهنا أقول لإخواننا في الطوائف اللبنانية، الله عدل وسلام وأمان ورحمة وإنصاف ومحبة ونبل وعطاء وضمانة لكل خلقه وناسه، وهذا ما نريده لهذا البلد المنهك بلعبة الزعامات الطائفية والارتهان الأميركي، والحرب الأهلية – تذكروها – هي دمار إنسان وخراب بلدان، والنفط الأسود محرقة، والسفارات أوكار تحريضية، والنعرات الطائفية سلعة سياسية مسمومة، والخوف على الطائفة كذبة إقطاع، والطوائف أسيرة الطرابيش الطائفية، ولا يحررها إلا دولة المواطنة ونظامها العادل، وهذا ما يجب أن يحول الاستحقاق الانتخابي إلى ثورة وطنية لإنقاذ لبنان من الإقطاع الطائفي ومزارعه”. 
 
وتوجه الى اللبنانيين بكل طوائفهم: “نريد أن نعيش معا بعيدا من عقلية غالب ومغلوب، وبعيدا من نزعة التطويف والتخوين والتخويف والمتاريس النفسية والجمهوريات البغيضة، فالتجربة السياسية بصيغة النظام الطائفي مزقتنا، وفرقتنا وحولت عائلتنا الوطنية الواحدة إلى دويلات خوف وقلق وحقد وقطيعة، لصالح إقطاع السلطة، وعائلة صفقاتها، وكارتيلاتها المتوحشة. وختم قبلان: “من جبل دماؤه بتراب وطنه وأرضه، وعاش الأمرين ليحرر البلد من الاحتلال والهيمنة، بدءا من انتفاضة 6 شباط، إلى إسقاط 17 أيار، وصولا لدحر الإسرائيلي في العام 2000، ثم انتصار العام 2006، ثم خاض أكبر حرب إقليمية في لبنان والمنطقة، هو خيارنا النهائي لمعركة استقلال لبنان سياسيا، وتبقى العين على العيش المشترك والسلم الأهلي ودولة المواطنة التي تحفظ المسيحي والمسلم معا. ونحن الآن في المربع الأخير, ولا قيمة للصوم والصلاة إلا بالشراكة السياسية وصناديق الاقتراع، والواجبات الدينية والوطنية تبدأ بالمحراب لتنتهي بالسياسة، ومن يعتزل السياسة يعتزل المحراب. وليتذكر البعض أن مصير الأوطان لا تقرره الأمعاء، بل الكرامة.