السنّة في لبنان “أمّ الصبي”… ولن يتركوه يُنحر

4 مايو 2022
السنّة في لبنان “أمّ الصبي”… ولن يتركوه يُنحر


راجعتُ أكثر من مرّة تغريدة المنسق العام للاعلام في تيار “المستقبل” عبد السلام موسى، الذي قال فيها إن المشاركة في الإنتخابات ستؤدي الى تأمين غطاء شرعي لـ”حزب الله”، في محاولة منّي لفهم مغزى هذا الكلام. فلم أفهم. 

عندما قرّر الرئيس سعد الحريري تعليق عمله السياسي وعدم مشاركة تياره في الإنتخابات حاولنا أيضًا أن نفهم دوافعه فلم نفهم، ولم نقتنع بالمبررات التي ساقها في بيان إنكفائه عن الساحة السياسية. وأعتقد أن كثرًا من الطائفة السنّية الكريمة لم يستوعبوا أبعاد هذه الخطوة، التي لم يسبقه إليها أحد من قبل.  
بصراحة لم أستوعب منطق تيار “المستقبل” كيف تكون المشاركة السنّية في الإنتخابات “جسرا يعبر فوقه “حزب الله” فوق انقاض الشرعية”.
في المقابل كان مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان واضحًا في خطبة عيد الفطر وحسم النقاش السائد بشأن المشاركة السنيّة في الانتخابات النيابية او عدمها، بدعوته “إلى المشاركة الفعلية الكثيفة، وقول الحق في ورقة التصويت”.وقال إنّ “الإنتخابات هي الفرصة المتوفرة أمامنا لتحقيق التغيير، ولذلك أحذّر وأنبّه من خطورة الامتناع عن المشاركة في هذا الاستحقاق”.  
 
هذا الموقف الواضح والصريح للمفتي دريان أيّده الرئيسان نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة، لدى خروجهما من صلاة العيد، حيث ضمّ ميقاتي صوته إلى صوت مفتي الجمهورية في دعوة الناخبين للاقتراع بكثافة، فيما قال السنيورة إنّه على الجميع أن ينضوي تحت هذه الدعوة لأنّها تصبّ في صالح اللبنانيين عموماً والمسلمين خصوصاً”. 
بالعودة إلى بيان الحريري الذي علق بموجبه عمله السياسي لم يرد فيه صراحة إذا كان هذا التعليق سيشمل مقاطعة الاستحقاقات الدستورية وفي طليعتها الانتخابات النيابية. لقد اقتصر الانسحاب من الحياة السياسية على تحريم المشاركة في الانتخابات ترشيحاً على أي من المنتسبين لتيار “المستقبل” حتى الأقربين منه، ولكنه لم يدعُ إلى مقاطعتها إنتخابًا. 
فهذه الدعوة الملتبسة لمقاطعة الإنتخابات تستوجب طرح أسئلة كثيرة حول النتائج الكارثية التي يمكن أن يسفر عنها قرار المقاطعة؟ 
فما بين دعوة “المستقبل” إلى المقاطعة وبين حرص كل من المفتي دريان والرئيسين ميقاتي والسنيورة وكثيرين من أهل السنّة، الذين يعتبرون أنفسهم “أمّ الصبي” على المشاركة الكثيفة في هذا الإستحقاق المصيري، وعدم ترك الساحة السنّية مشرّعة الأبواب للطارئين و”صيادّي الفرص”، تسود قناعة راجحة لدى الأغلبية السنّية بأن نتائج الدعوة إلى المقاطعة لن تكون كما أراد لها أن تكون الداعون اليها، لأسباب عدة لا تتصل فقط بالمعادلة الداخلية، بل بما يمتد الى المناخ العربي، خصوصًا في ظل إنسداد أفق الحلّ الإقليمي بعد تعثّر المفاوضات الأميركية – الإيرانية في فيننا حول الملف النووي.  
فالظرف الداخلي معطوفًا على المعطيات الإقليمية لا يسمح بأن يخوض البعض “مغامرة” غير محسوبة النتائج، خصوصًا أن تجارب الماضي تؤكد أن عدم تحمّل المسؤولية كاملة بما فيها من تحدّيات تتطلب شجاعة في المواجهة قد يؤدي إلى عواقب وخيمة لا تُحمد عقباها. 
فالمرحلة الدقيقة والصعبة والخطيرة تتطلب مواجهة من نوع آخر. وهذه المواجهة متوافرة اليوم من خلال صناديق الإقتراع.