أبعد من الانتخابات.. “حرب كلامية” بين “الوطني الحر” و”القوات”!

4 مايو 2022
أبعد من الانتخابات.. “حرب كلامية” بين “الوطني الحر” و”القوات”!


مجدّدًا، “ولعت” بين “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية”، حيث حفلت “الجبهة” بينهما بالسجالات والسجالات المضادة في الساعات القليلة الماضية، وسط تراشق “ناري” للاتهامات بينهما، بدأ مع الشكوى التي تقدّم بها رئيس “التيار” الوزير السابق جبران باسيل بحق “القوات”، ومعها “الكتائب”، بحجّة أنّهما تجاوزتا سقف الإنفاق الانتخابي المسموح بموجب قانون الانتخاب المعمول به حاليًا.

 
وإذا كانت “الحرب الكلامية” بين الخصمين التقليديين انطلقت من الأجواء المحيطة بالاستحقاق الانتخابي الذي يبدو “حاميًا”، واستندت إلى ما يُسجَّل على خطّه من شكاوى على خلفية الإنفاق والإعلام والإعلان وما إلى ذلك، إلا أنّها “تمدّدت” سريعًا لتصل إلى “التاريخ الدموي” الذي استحضره الطرفان دونما عناء، بعدما زعما أنّهما “طوياه إلى غير رجعة”، وذلك يوم أعلنا “الانفصال” بعد “المصالحة” التي لم تعمّر طويلاً.
 
فكيف تفسَّر هذه “الحرب الإعلامية” بين الجانبين، والتي لم تعد فقط “انتخابية” وفق ما يرى كثيرون ممّن “يتوجّسون” من تداعيات استحضار “التاريخ الدموي” بهذا الشكل؟ هل تبرّر المنافسة الانتخابية مثل هذا الاستحضار، ولا سيما أنّ الجانبين يخوضان “معارك وجودية” بوجه بعضهما البعض، في ظلّ “السباق” على انتزاع “الأكثرية المسيحية”؟ وهل من “هدنة” تحدّ من “تأثيرات” هذه الحرب قبل الخامس عشر من أيار؟
 
إنّها الانتخابات!
 
“إنّها الانتخابات”. قد تختزل هذه الإجابة التفسير الأكثر “واقعية” للشحن الذي وصل إلى “ذروته” في الساحة المسيحية، وتحديدًا بين “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية”، فمع أنّ “الرشق العوني” شمل في جانب منه حزب “الكتائب” مثلاً، فإنّ هذه “الجبهة” حافظت على “هدوئها النسبي” مقابل اشتعال “الجبهة العونية- القواتية” في المقابل، لأسباب واعتبارات لها علاقة مباشرة بـ”الأكثرية المسيحية” التي يطمح الفريقان لانتزاعها.
 
ويرى العارفون أنّ “التيار الوطني الحر” يشعر بـ”تهديد حقيقي” لفقدانه الأكثرية المسيحية التي تمتّع بـ”مزاياها” خلال السنوات الأربع الماضية، حيث نجح في فرض نفسه “المقرّر الأول” في العديد من الاستحقاقات، وهو يطمح للعب الدور نفسه في المرحلة المقبلة، خصوصًا مع استحقاق مفصلي واستثنائي، وقد يكون أهمّ من كلّ ما سبقه، وهو استحقاق الانتخابات الرئاسية، الذي يريد “التيار” أن تكون كلمته “فاصلة” في تحديد وجهته.
 
ومع أنّ “التيار” يؤكد أنّه “مطمئنّ” إلى أنّ حصّة “القوات” ستبقى كما هي في أحسن الأحوال، فإنّ السجالات الحاصلة “تفضح” خوفه، وقد سبق لرئيس “التيار” مثلاً أن أعرب عن خشيته من أن تشهد الانتخابات المقبلة “أكبر عملية تزوير في تاريخ لبنان”، الأمر الذي بدا وكأنّه “هجوم استباقي” لتبرير أيّ تراجع، علمًا أنّ دخول “حزب الله” على الخطّ، وإعلانه أنّه يخوض “معركة حلفائه” قد يشكّل دليلاً آخر على الشعور بـ”الخطر”.
 
“مشكلة أخلاقية”
 
لكن، أبعد من السباق على الأكثرية، والشعور بـ”التهديد” من جانب “التيار”، ومسعى “القوات” لتحجيم كتلته في الانتخابات المقبلة، ثمّة مشكلة “أخلاقية” يتحدّث عنها البعض في “الصراع” بين الجانبين، يتجلّى في “الأسلحة” التي استُخدِمت في “الحرب الكلامية” بينهما، حيث بدت عبارة “سارق الجمهورية وناهب الشعب” مثلاً أكثر من عادية، مقارنة بعبارات من وزن “صاحب التاريخ الأسود والميليشيوي الدائم”، بل “يهوذا العصر”.
 
ويقول البعض إنّ خطاب “التيار” هذا يشكو من “نقطة ضعف” أساسية تكمن في أنّه يشكّل “انقلابًا” على ما سُمّي يومًا بـ”تفاهم معراب”، الذي على الرغم من سقوطه على وقع الخلاف على “الحصص” في السلطة، تعهّد الطرفان المعنيّان به بأنّ مكتسباته لناحية “المصالحة التاريخية” لن تتأثّر، فإذا بهما يعرّيانه من أيّ مكتسبات، بل يعودان إلى “النغمة القديمة” نفسها، ويستعيدان “الخطاب الحربي” بكلّ أبعاده البغيضة.
 
ويذهب خصوم “التيار” أكثر من ذلك للحديث عن مشكلة “أخلاقية” أساسًا في شكوى “التيار” من الإنفاق “الكتائبي” و”القواتي”، حيث بدا كأنّ باسيل يصوّر نفسه “ملاكًا حارسًا” على الديمقراطية، بل خرج بعض “العونيين” ليروّجوا لسياسة “صفر إنفاق” يعتمدها “التيار”، في حين أنّ مهرجاناته تُنقَل مباشرة على هواء بعض وسائل الإعلام بوصفها “مساحة مدفوعة”، بل إنّ وثائقيًا ترويجيًا خاصًا بباسيل عُرِض عبر إحداها، في “دعاية انتخابية خالصة”.
 
يتحدّث البعض عن “حرتقة” قائمة بين “التيار” و”القوات” على أبواب الانتخابات، قد تكون مبرَّرة طالما أنّ “المعركة” بينهما قد تكون “على المنخار”، في أكثر من دائرة ومنطقة. وإذا كانت “الحرب الانتخابية” بينهما مبرّرة ومشروعة بهذا المعنى، يبقى السؤال عن “تداعياتها” طويلة المدى، بعدما “شطبت” مشروع “المصالحة” وكلّ ما ترتّب عليه في العلاقة، وقبل ذلك، عن “سيناريو” ما بعد 15 أيار على المستوى الوطنيّ!