كتبت غادة حلاوي في” نداء الوطن”:إذا كان الهدف من الصمت الانتخابي عدم التأثير على خيار الناخب فإن خروج رئيس هيئة الاشراف على الانتخابات القاضي نديم عبد الملك وحديثه عن رشاوى انتخابية يمكن اعتباره بمثابة ايحاء ينسف فكرة الحياد من أساسها. فهل تحتاج هيئة الاشراف الى من يشرف على أدائها؟
وباعتراف وزير الداخلية بسام مولوي فان عبد الملك قال كلاماً خطيراً لكن يجب ان يكون موثقاً اولاً وان يبلغ به النيابة العامة، اي ان تقوم الهيئة بدورها امام القضاء بدل ان تقدم مادة دسمة للراغبين بالطعن الانتخابي. لا سيما حين يوجه المولوي انتقاداً لاذعاً للهيئة اقرب الى التأنيب لكونها ومنذ تشكيلها لم تتخذ «اي إجراء رادع بحق اي وسيلة اعلامية».بدليل ما ادلى به فان المخالفة الاولى انتخابياً ارتكبها رئيس هيئة الاشراف على الانتخابات بتوزيعه الاتهامات من دون وجود ادلة، والتشكيك بديمقراطية العملية الانتخابية واطلاق كلام عام يشمل به الجميع من دون استثناء، وكل ذلك ليوصل رسالة الى الحكومة تقول ان امكانيات هيئة الاشراف معدومة مما يصعب عليها القيام بدورها وليعلن مسبقاً تبرئته من اي اتهام بالتقصير في ما بعد.
من الناحية القانونية خالف حديث عبد الملك القانون رقم 44/217 وقالت المستشارة في القانون العام جوسلين معلوف ان مهام الهيئة وفق ما هو وارد في المادة 16 تشترط على رئيسها عدم التصريح، وفي حال صرح يفترض به ان يكون حيادياً خاصة وانه تحدث عن رشاوى فخرج بذلك عن دور الهيئة المحصور بإعداد التقارير ورفعها الى وزير الداخلية او اتخاذ اجراءات، اما ادارية أو ارسال تنبيهات او احالة الموضوع الى محكمة المطبوعات او الى النيابة العامة في حال الرشاوى. لكن عبد الملك استعاض عن كل ذلك بالحديث في الاعلام فمن يشرف على اشراف هيئة الاشراف وهل يطبق القانون؟ تؤكد المستشارة في القانون العام أن «لا صلاحيات تنفيذية للهيئة وتقتصر مهامها على رفع التقارير وليس التصريح للاعلام. وهذه مهام واردة في المادتين 16 و19 واللتين تعدان كخريطة طريق لعملها والا لا يحق له بالتصريح، ويلزمه موافقة مسبقة من اعضاء الهيئة. بموجب ما قالته فان عبد الملك نسف فكرة الحياد من اساسها وأسس لامكانية الطعن بالانتخابات. وبالموازاة وفيما لم تعلن الهيئة عن اعداد تقارير موثقة عن مخالفات وتقديم رشاوى انتخابية، الا انها سبق وتقدمت برسائل «تنبيه» الى المعنيين من خبراء انتخابات ووسائل اعلام بعدم نشر استطلاعات للرأي خلافاً للشروط والأحكام القانونية المحددة وغير معلن عنها صراحة تحت هذا العنوان».
بسبب ضعف الامكانات التي تحدث عنه عبد الملك ونقص الكادر البشري، لم تستطع الهيئة توثيق المخالفات الانتخابية وتعجز عن وضح حد للاطلالات الاعلامية للمرشحين او ضبط سقف الانفاق الانتخابي. ربما هي العلة في قانون الانتخاب الذي حدد سقف الانفاق الانتخابي على الورق بينما وجد منافذ للتحايل عليه بما صعب عملية المراقبة، وفوضى الظهور الاعلامي للمرشحين الخاضع لاعتبارات سياسية. فالخلل الاساسي في هيئة مشكلة من فريق عمل من دون ادوات تنفيذية ولا قدرة لديها على المراقبة بما يجعل دورها عرضة للتشكيك بالشكل والمضمون.