أعلنت نقابة المهندسين في بيروت، في بيان، انها “انطلاقا من دورها المهني والوطني، ووضع نقابتنا في خدمة مجتمعنا وقضاياه العامة، تسعى نقابة المهندسين الى توحيد جهود كل المعنيين بالدفاع عن مسار شفاف وعلمي لإعادة إعمار مرفأ بيروت ومحيطه واحيائهما، بمشاركة كل المهنيين والمهندسين والمعماريين والحقوقيين”.
واستكمالا لخطوات تصويب النقاش حيال موضوع اعادة إعمار مرفأ بيروت في ما يتعلق بدوره الاقتصادي والانمائي وعلاقته بالمدينة وبواجهة بيروت البحرية، وبالتنسيق بين فرع المهندسين الانشائيين وفرع المعماريين”، نظمت نقابة المهندسين في بيروت ندوة علمية أمس بعنوان “مستقبل الإهراءات بين الواقع الهندسي والذاكرة الحية للمدينة”، شارك فيها مهندسون ومعماريون لبنانيون مشهود لهم كمراجع أكاديمية وعلمية في الهندسة الإنشائية والمعمارية.
وشارك الرأي العام في عرض لتقريرين انشائيين يوثقان ويحللان بحرفية عالية للواقع الانشائي لصوامع الحبوب ابتداء من لحظة الكارثة ولغاية تاريخه، وهناك دراسات عدة في هذا الخصوص.
وسبق للنقابة ان أعلنت على صفحاتها الرسمية في 9 آذار موقفها الواضح “برفض قرار الحكومة هدم الإهراءات، وبالتالي لن ندخل في جدل حيال ثنائية الهدم/عدم الهدم التي فرضتها السلطات الرسمية وحولت الرأي العام باتجاهه، في حين ان المطلوب هو إنهاء التحقيقات في الجريمة ومحاسبة المسؤولين عنها واقرار دراسة رؤيوية لمخطط شامل للمنطقة التي تشكل جزءا من الواجهة البحرية لمدينة بيروت وتضم المرفأ والمناطق المحيطة به الممتدة من برج حمود الى ميناء الحصن، يكون مبنى الاهراءات جزءا منه”.
ورأت ان “التركيز على خطوات جزئية ومعالجات تفصيلية كما تفعل الحكومة مثل مشروع محطة الحاويات ومشروع هدم الاهراءات وإطلاق وعود بإنشاء حديقة من هنا ونصب تذكاري من هناك واغفال المخطط التوجيهي يدل على قصور في فهم حجم الكارثة، وبالتالي قصور في فهم معالجة أثارها، فالإهراءات ليست مجرد “كتلة خرسانية” كما تتعامل معها السلطة، بل هي رمز لمفاهيم عدة، هي رمز الحياة حين كانت مخازن للقمح، وهي “الحرز” (المكان المنيع) الذي حمى جزءا من المدينة من الدمار، وهي تمثل الذاكرة الجماعية للناس وللمدينة، وهي جزء مأسوي من التاريخ الحديث للبلد، ويجب أن يبقى هذا الشاهد حيا في ذاكرة الأجيال المقبلة لكي لا تتكرر المأساة”.
ولفتت النقابة الى ان “ما يثير الريبة والتساؤل هو سرعة القرارات الرسمية ورشاقتها لإنجاز ما عجز عنه الانفجار الكارثة في تدمير مبنى الاهراءات والتساؤل أيضا عن مدى مشروعية استخدام اموال المانحين لعملية الهدم، في حين ان البلاد تعيش في كارثة اقتصادية غير مسبوقة، وكل ذلك يجري من دون مشاركة الجسم الهندسي والمهني والسكان وأهالي الضحايا في الرأي والقرار”.
وأكدت النقابة التوصيات التالية:
“اولا – إن مبنى الأهراءات ومحيطه هو من التراث المعماري الحديث الذي يجب تصنيفه وحمايته والمحافظة عليه، خصوصا بعد اكتسابه صفة اضافية حاملة لذاكرة الحدث ولذاكرة المدينة ككل، فدوره الرمزي والثقافي المكتسب كشاهد على الحدث يخلد ذكرى من خسروا حياتهم ولن يضاهي رمزيته اي نصب اخر.
ثانيا – عدم تكرار اعتماد نموذج اعادة اعمار وسط بيروت التجاري الذي ادى الى عزل المركز عن المدينة. وإن أي عملية إعادة إعمار لمرفأ بيروت يجب أن تنطلق من الحفاظ على النسيج الاجتماعي والعمراني للإحياء المحيطة بالمرفأ.
ثالثا – من الناحية الانشائية تأكيد ثبات الجزء الجنوبي من مبنى الإهراءات، وهو لا يحتاج إلى تدعيم، وبالتالي انتفاء أي كلام غير علمي يوجب الهدم.
رابعا – عدم ثبات الجزء الشمالي من مبنى الاهراءات مما يوجب التدخل فورا في عملية التدعيم لأنه غير مستقر ومعرض للانهيار، ولكن يمكن تدعيمه. ومن الضروري التأكيد أن كل منشأ متضرر يمكن تدعيمه وتبقى مسألة التكاليف العالية للتدعيم أقل أهمية من معنى موقع الاهراءات ورمزيته.
خامسا – لا يمكن ترميم الاهراءات وإعادة استخدامها كما كانت وظيفتها الأساسية، وأصبحت رمزا وشاهدا قيمتها المعنوية والإنسانية أهم بكثير من قيمتها المادية.
سادسا – الاستمرار في نظام الرصد والمراقبة لبعض الأجزاء الشمالية بهدف استباق أي خطر من انهيارات جزئية عمودية وتوفير مساحة بشعاع 50 مترا عن مبنى الاهراءات يحظر الدخول اليها حفاظا على السلامة العامة.
سابعا – تدعو نقابة المهندسين الحكومة المباشرة فورا إلى اتخاذ قرار تدعيم الاهراءات المتضررة وتحميلها المسؤولية الكاملة عن أي تداعيات سلبية ناتجة من عدم القيام بواجباتها”.