خالف رئيس الحزب “التقدمي الإشتراكي” وليد جنبلاط الكثير من التوقعات بشأن خطابه، يوم أمس، خلال الاحتفال المركزي لمؤسسة العرفان التوحيدية، بمناسبة يوبيلها الذهبي.
وعلى الرغم من أن جنبلاط يرى وجود مخطط لـ”اغتيال جديد” عبر الانتخابات، كان من المنتظر أن يقول “زعيم المختارة” كلمته باتجاه “حزب الله” مباشرة، باعتبار أنّ لدى الأخير قراراً باستهدافه وتطويقه بقوة عبر الانتخابات النيابيّة التي ستُجرى يوم 15 أيار الجاري.
كلامُ جنبلاط حمل رسائل عديدة، لكنه لم يتضمن النبرة التصعيدية باتجاه أي جهة أو طرف رغم ضراوة الموقف. وبشكل فعلي، فإنّ جنبلاط لا ينكر حقيقة تطويقه، وهو الذي يقولُ في جلساته الداخليّة إن “هناك قراراً من النظام السوري لإنهاء وجوده”. في المقابل، فإن هذا الأمر تنفيه جهات مناوئة لجنبلاط، وتعتبرُ أن “كل ما يقال عن نية السوريين لضربه هو محضُ شمّاعة تُستخدم قبل الانتخابات لشدّ العصب”. بشكل مباشر، كان جنبلاط واضحاً في كلامه يوم أمس، إذ استحضر وقائع تاريخية وشدّد على أهمية المشاركة بالانتخابات. مع ذلك، فإن جنبلاط آثر عدم الغوض في الشخصيات المطروحة، لكن على ما يبدو أنه ترك باباً مفتوحاً للتسوية والمقايضة.. فما هي حيثياتها؟
وسط كل هذه المشهدية السياسية، ومع “الحماوة” التي تزدادُ شيئاً فشيئاً قبل الانتخابات، بدا واضحاً أن جنبلاط لم “يكسر الجرّة” تماماً مع “حزب الله”، رغم أنه هاجم “محور الممانعة” بقوة. كل ذلك، إنما قد يُمهّد لمقايضة قد تُجرى خلال الانتخابات، على أن تحمل روح شعار “كسر التطويق وتعبيد الطريق” أمام كتلة لجنبلاط.
مؤخراً، برز على خط جهات سياسيّة عديدة سيناريو يجري الترويج له، ويشيرُ إلى أنه على جنبلاط التواصل مع “حزب الله” لـ”كسر حدّة المعركة”، باعتبار أن الأخير اتخذ قراراً بالمواجهة المطلقة مع “بيك المختارة”. ضمنياً، فإن السيناريو الذي يجري تداوله بقوة يقول إن جنبلاط يجب أن يتفق مع الحزب على القاعدة التالية: تقليص التمسك بالمرشح عن المقعد الدرزي في الشوف مروان حماده وبالتالي سحبه، شرط عمل الحزب على إراحة النائب فيصل الصايف المحسوب على “الإشتراكي” في دائرة بيروت الثانية.
هنا، فإن هذا السيناريو، في حال تحقق وحصل، سيجعل جنبلاط يُوزّع فائض الأصوات الموجود لديه في الشوف على عدد من المرشحين ضمن لائحة “الشراكة والإرادة”، وبالتالي عدم حصرها بحماده وحده.
وحتماً، فإن هذا الأمر سيُساهم في رفع حظوظ العديد من المرشحين ضم اللائحة، وبالتالي دخولهم إلى الندوة البرلمانية. وبهذا، فإن جنبلاط، وبحال حصل هذا السيناريو، يكون قد تراجع عن نظرية حماده أو لا أحد، باعتبار أن معركة الأخير قد تكون خاسرة في مكانٍ ما إن حصلت مفاجآت. مع ذلك، فإن السيناريو المطروح سيجعل جنبلاط يكسب الصايغ في بيروت، ويجعله يربح نائبين في الشوف ضمن لائحته بشكل مضمون، وهما سعد الدين الخطيب وحبوبة عون. مع هذا، فإنه في حال حاز حماده على عدد كبير من الأصوات التفضيلية وتجاوز الوزير السابق وئام وهاب، فإن هذا الأمر سيجعل من جنبلاط يربح حماده والصايغ والخطيب وعون، ما يعني انتصاراً كبيراً ودخولاً إلى الندوة البرلمانية بكتلة أكبر.
حالياً، فإنّ أولى بوادر “الإستقرار الجنبلاطي” تأتي من بيروت، حيثُ أن الصايغ أبلغ جهة بارزة أن أجواءه تشهدُ “ارتياحاً كبيراً”. وفعلياً، فإن هذا الأمر قد يتعزّز بشكل أكبر في حال صدقت التوقعات حول إمكانية سحب الأمير طلال أرسلان لمرشحه عن المقعد الدرزي في بيروت نسيب الجوهري لصالح الصايغ، وبالأحرى لصالح جنبلاط.
مع هذا، فإنّ السيناريو المطروح يمكن أن يشكل مخرجاً لجنبلاط عندما يتعلق الحديث زعامته السياسية. وضمنياً، فإن هذا الأمر الذي يجري التسويق له لدى جهات مقرّبة من “حزب الله”، إنّما يشيرُ إلى أن سيناريو العام 2018 الذي أنقذ جنبلاط سيتكرّر. حينها، هبّت حركة “أمل” لنجدة زعيم الجبل بموافقة من “حزب الله”. أما اليوم، فإنّ هذا الأمر قد يتجدّد في انتخابات 15 أيار، باعتبار أن المعركة سياسية وليست إلغائية بالدرجة الأولى.
بدورها، تقول مصادر “حزب الله” لـ”لبنان24″ إنّ “القرار الأساس يقضي بتكريس مواجهة مع جنبلاط”، مشيرة إلى أنه “لا معلومات عن تواصل بين زعيم الجبل وحرة حريك”.
في المقابل، فإنّ مصادر الحزب “الإشتراكي” نفت أي كلامٍ عن “مقايضة”، مشيرة إلى أن “السيناريو الذي يتم الحديث عنه مركب بامتياز، والعمل الانتخابي يجري على متصاعدة عندما يعني الأمر جميع المرشحين في الشوف – عاليه”.
وأشارت مصادر “الإشتراكي” إلى أنّ “حزب الله يسعى إلى ضرب اللائحة وإضعافها بقوة وهذا ما لن يتم السماح به أبداً”، وقالت: “المختارة ستبقى سداً منيعاً في وجه كل المؤامرات، ومروان حماده أساسي بالنسبة لجنبلاط ولا معركة بدونه، ومن يسعى لإضعاف لائحة الشراكة والإرادة فهو واهمٌ جداً، وفي يوم 15 أيار ستقول الناس كلمتها”.
وبين “الإشتراكي” والمناوئين، يبقى للمراقبين رأي آخر مفاده أن “معركة جنبلاط الأساسية تكمن في المقعد الدرزي.. فهل سيتنازل عنه بعد كل هذه المعركة؟”.