إنتخابات المغتربين.. تأثير محدود وفي الدوائر المسيحية حصرا

9 مايو 2022
إنتخابات المغتربين.. تأثير محدود وفي الدوائر المسيحية حصرا


بعد انتفاضة 17 تشرين العام 2019 ، وانفجار 4 اب 2020 ظن كثيرون ان الاغتراب اللبناني ستكون له الكلمة الفصل في الانتخابات النيابية المرتقبة الحالية لناحية قلب المشهد السياسي واحداث المفاجآت التي ستهز  عرش المنظومة الحاكمة. غير ان مشهد يومي الجمعة والاحد في البلدان العربية والاقليمية والاوروبية والافريقية والاميركية واستراليا بدد الى حد كبير الامال المعقودة على اللبنانيين المقيمين في الخارج، وهذا يعني ان نتائج التصويت تعتبر مؤشرا على توجهات الناخبين في الداخل يوم 15 ايار فالحماسة الانتخابية عند اللبنانيين رغم كل المواقف  والحملات الحزبية التجييشية تغيب بشكل كبير ، ومرد ذلك الاوضاع الاقتصادية  الصعبة التي يرزح تحت اعبائها المواطنون ونية المقاطعة عند أكثرية اللبنانيين. 

لقد شهدت انتخابات المغتربين في الدول العربية تراجعا. ففي العام 2018 بلغ عدد المسجلين للانتخابات 92965 اقترع منهم 46800 بنسبة  56.4 ( دول العراق والبحرين والأردن وإيران وسوريا لم تحصل  فيها الانتخابات  العام 2018)، في حين ان النسبة بلغت اليوم 49.3 من دون المقترعين في الدول السابقة الذكر، ومرد ذلك وفق المتابعين احجام البعض عن المشاركة لاعتبارات سياسية وحسابات شخصية، هذا فضلا عن  ان انتخابات يوم الجمعة تزامنت مع عطة الفطر التي لم يقطعها عدد من اللبنانيين من اجل عملية التصويت. فتراجعت النسبة في السعودية وفق الدولية للمعلومات من 56.2% إلى 49.3% وأيضاً في قطر من 73.8% إلى 66.3%. وقد سجلّت أعلى نسبة في سوريا 83.8% وفي إيران 73.8%. اما في عواصم العالم، فإن رهان قوى التغيير و الاحزاب المعارضة للسلطة فانصب على اوروبا والولايات المتحدة وبريطانيا واستراليا، من منطلق ان المغتربين في هذه الدول على وجه الخصوص واكبوا تحركات  17 تشرين في شوارع الدول المقيمين فيها ربطا بهجرة العديد من اللبنانيين الذين انخفضت فرص العمل امامهم منذ مطلع العام 2020 جراء تدهور الاقتصاد وانهيار سعر العملة اللبنانية وخروج الامور عن السيطرة. الا ان مشهد يوم امس ثبت الى حد كبير العكس  فباستثناء فرنسا بدت الاجواء مغايرة لما يبتغيه حراك التغيير في دول اوروبية عدة من بينها المانيا. 
اذن لن تغير اصوات المغتربين في المعادلة السياسية لجهة تحقيق ارقام متقدمة قد تبدل في المشهد العام، فتأثيرها سيبقى محدودا وفي حدود الدوائر المسيحية على وجه التحديد، بعيدا عن الدوائر التي يطغى عليها الثقل الشيعي او الدرزي او السني، يقول المتابعون لمسار العملية الانتخابية، خاصة وان غالبية الأحزاب والشخصيات مطمئنة الى وضعها استنادا الى “البوانتاج” لانتخابات المغتربين ومدى انعكاسه على نتائج انتخابات 15 أيار ، مع الاشارة الى ان حزب القوات اللبنانية  كان رأس حربة  لاقتراع  المغتربين لـ128 نائبا على عكس التيار الوطني الحر الذي طالب بإقرار الدائرة الـ16 في الانتخابات النيابية المقبلة، أي أن يكون هناك 6 نواب للمغتربين في المجلس النيابي المقبل من اجل تحصيل 3 نواب جدد للتيار الوطني الحر، وهذا ما يفسر بعدم ارتياح التيار العوني الى تصويت الخارج لـ128 نائبا خاصة وان أكبر نسبة من المغتربين المسجلين للتصويت في الخارج هي في دائرة الشمال الثالثة التي تتضمن البترون والتي تشكل حلبة صراع بين الشخصيات المسيحية  الطامحة الى سدة الرئاسة، مع اقتناع القوى السياسية المعنية ان تصويت المغتربين قد يحدث مفاجآت في هذا الدائرة. 
الاكيد ان المعركة في اقتراع المغتربين التي انتهت صباح اليوم هي بين القوات والتيار الوطني على وجه التحديد ضمن لعبة حسابات سياسية لحصد أعلى نسبة تصويت في الاغتراب والفوز بالأكثرية المسيحية،  خاصة وان تأثير المجتمع المدني وقوى التغيير يبدو انه سيكون محدودا في نتائج الانتخابات بشكل عام لاقتناع مكونات هذه القوى ان ادوات المواجهة مع السلطة غير متكافئة في ضوء القدرات المالية والتجييش الطائفي الذي لا يزال يفعل فعله في طوابير اللبنانيين.