لا يحجب غبار المعارك الانتخابية النقاش الدائر في الكواليس السياسية بشان شكل المجلس النيابي العتيد، خصوصا وان توقيت الانتخابات يرتبط بمصير الاستحقاق الرئاسي وسط تكهنات عن مسارات متناقضة، وهذا يعني حكمًا طغيان الحسابات حيال الكتل التي ستنبثق بعد اسبوع ، إذ من المتوقع ان تفرز صناديق الاقتراع واقعًا سياسيًا جديدًا يتراوح بين تغيير شكلي لا يتجاوز الـ 20 مقعدًا في أحسن الأحوال وتغيير جدي في خارطة المجلس الجديد، ما ينعكس تلقائيًا على مسار تشكيل الحكومة بالدرجة الأولى ومن ثم الاستحقاق الرئاسي.
على هذا الصعيد، تشير معطيات أولية إلى حسم الاغلبية لصالح “حزب الله” مع حلفائه من دون أن تلامس عتبة الثلثين لاعتبارات عديدة، أهمها عدم الرغبة بالحكم بصورة مطلقة وترك هوامش كي يستفيد منها الحزب داخليًا، كما في البعد الخارجي، وعلى الأخص بالنسبة إلى العلاقة مع الخليج العربي بالدرجة الأولى، إلا أن الملفت هو أن الحزب يصر على اقفال الكتلة الشيعية بشكل حازم و كامل، و هذا كرد مبدئي على حملة الضغوط الخارجية.
هذا الأمر سيفتح معارك شرسة على الساحة المسيحية، طالما ان انكفاء الحريري يجعل الدور السنيّ ينحصر في البعد الانتخابي دون أن يتطور نحو فعل وارادة سياسية، لذلك تسعى القوى المسيحية إلى الاستحواذ على اكبر قدر من المقاعد. فحال النائب جبران باسيل لا تختلف عن الوزير السابق سليمان فرنجية او الدكتور سمير جعجع سوى بمقدار توافر الحظوظ رئاسيًا، ولا بأس أن يسعى كل طرف إلى إثبات قوته مسيحيا كتوطئة للنقاش بشأن رئاسة الجمهورية. وتعرب شخصية سياسية رفيعة عن قناعة توصل إليها باسيل، وهي إستحالة وصوله إلى سدة الرئاسة وتمديد عهد الرئيس ميشال عون مواربة، ولذلك فهو يسعى إلى التعويض عن ذلك بالحفاظ على ما أمكن من مقاعد ليبقى تكتله السياسي الأكبرمسيحيًا. وبالقدر نفسه او أقل يسعى فرنجية إلى توسيع نفوذه وامتداده خارج زغرتا. من هنا كان إختياره لمرشحه في طرابلس رفلي دياب ضمن تحالف سياسي عريض.
اما سمير جعجع فحساباته في مكان آخر، إذ ليس من قبيل الصدفة أن يتحول رأس حربة في مشروع التصدي لنفوذ “حزب الله” في لبنان ، ولذلك فوائد كما سلبيات. من هنا تتوجس عدة جهات من مفاجآت قد تسجلها “القوات” في دائرة لطالما كانت موصدة، وهذا يعني حكما اللجوء إلى مناورات سياسية وانتخابية تفضي إلى “تطويب” سمير جعجع “زعيما” للمسيحيين في المستقبل. تبقى ما يسمى كتلة المستقلين، والتي لا يمكن التكهن بعددها أو بمعدل الخروقات التي تسجلها، وتؤكد معلومات عن نقاش بعيد عن الاضواء يقوده بعض المرشحين مع عدد من اللوائح ، قد يفضي إلى قيام تكتل وسطي يعيد التوازن إلى الحياة البرلمانية.