كتبت فاتن الحاج في “الأخبار”: إذا حُسم تعليق الإقفال القسري في الجامعة اللبنانية، الجمعة المقبل، فلن تكون المرة الأولى التي يعود فيها الأساتذة إلى جامعتهم، خالِي الوفاض، من دون تحقيق أي مكاسب حقيقية أضربوا لأجلها أسابيعَ طويلة. الخيبة الأولى كانت بعد إضراب الخمسين يوماً (أيارـ حزيران) 2019، الذي انتهى باتفاق ـ تسوية من سبعة بنود بين الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرّغين في الجامعة ووزارة التربية. الاتفاق أُفرغ، عملياً من مضمونه وأُجهض قبل البدء بتنفيذه، رغم أن الإضراب كان قد شهد تضامناً واسعاً من الطلاب، واستطاع فيه مجلس المندوبين قلب الطاولة ونقض قرار الهيئة التنفيذية بفكّ الإضراب وكسر كلمة الأحزاب. المرة الثانية كانت في تشرين الأول ـ تشرين الثاني 2021، عندما أضربت الرابطة مدة شهرين أيضاً وللمطالب نفسها ولم يتحقق منها شيءٌ، واليوم تتجه الرابطة لإعلان وقف الإقفال القسري المستمر منذ 14 آذار الماضي، إذ رغم الأجواء التفاؤلية التي بثّها وزير التربية، عباس الحلبي، بعيد خروجه من لقاء رئيس الجمهورية أول من أمس، لا يبدو أن ملفات الجامعة ستكون مُدرجة على جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء المقرّرة غداً، ولا حتى من خارجه.
أقصى ما يحصل هو البحث في كلّ مرة عن “تخريجة” للإضراب المفتوح فيما تبقى الجامعة خارج حسابات السلطة السياسية. هذه المرة، حمل وزير التربية لواء التفاؤل وصار يبشّر دوماً بقدوم الفرج فيقلب الجو ويكسر الجمود ويعلق الأساتذة على كلامه آمالاً سرعان ما تتبدّد بخيبة جديدة. الوزير قال إن الملفات الأربعة ستكون مطروحة على جدول الأعمال: ملف تشكيل مجلس الجامعة عن طريق تعيين عمداء أصيلين، دخول الأساتذة المتعاقدين بالتفرغ في الملاك، دخول الأساتذة المتعاقدين بالساعة في الملاك وإصدار عقود المدرّبين، مشيراً إلى «أننا سنشهد إقرار مرسومين»، وقد تردد أنهما سيكونان التفرّغ والمدربين.وتفيد معلومات “الأخبار” بأن رئيس الجمهورية جدّد التأكيد على إعطاء الأولوية لملف تعيين العمداء، علماً أن رابطة الأساتذة طلبت موعداً للقاء الرئيس من دون أن تحصل عليه حتى الآن.في ظلّ الاهتراء الذي يعيشه النظام السياسي ووجود سلطة لا تعمل إلا بمنطق المحاصصة، ثمة أسئلة تُطرح عما إذا كانت الأشكال التقليدية في العمل النقابي لا تزال فعّالة للمواجهة، أم يجب التفكير بأشكال أخرى؟ ولماذا تحوّل الأساتذة من دينامو العمل النقابي للدفاع عن مصالحهم وقضايا الجامعة إلى يائسين لا يثقون لا بالسلطة السياسية ولا بأداتهم النقابية؟ هل السبب هو اقتصار الحَراكات في السنوات الـ15 الأخيرة على المطالب المادية وعدم التركيز على تحسين مستوى الجامعة وتطويرها؟ ومن قال إن تحسين مستوى الأستاذ المعيشي سينعكس حتماً على مستقبل واعد للجامعة؟