عن سابق تصوّر وتصميم… الأحزاب والتيارات تغض النظر عن وجع المواطن

11 مايو 2022
عن سابق تصوّر وتصميم… الأحزاب والتيارات تغض النظر عن وجع المواطن


باتت الأيام تتدحرج سريعا للوصول إلى الأحد الكبير الذي ستفتح فيه صناديق الاقتراع المحلية ، والذي لا يدري المواطن ماذا ينتظره من بعده، بغض النظر عن النتائج والارقام والاكثريات أو الأقليات التي ستفرزها العملية الاقتراعية.

فالخوف من المستقبل القريب والبعيد بات شعورا سائدا ومشتركا عند سائر شرائح المجتمع اللبناني من مختلف الطوائف والمذاهب والانتماءات السياسية.
والخوف يتركز تحديدا حول لقمة العيش والحياة الاقتصادية وسعر صرف الدولار ودرجات النيران الملتهبة في جهنم الوطن اليومية، التي أمست واقعا وبات تفادي الغوص في عمقها هاجسا يطرح علامات الاستفهام في صفوف جميع اللبنانيين.
والخوف الذي يدور حول الملفات المعيشية والحياتية، كالدواء والطبابة والمعاشات وإمكانية صمود القطاع العام ومختلف القطاعات، بدل من أن يتحول أولوية ونقطة انطلاق وارتكاز عند الراغبين في الوصول إلى الندوة البرلمانية من أحزاب وتيارات وشخصيات مستقلة، تم استبداله بعناوين سياسية عامة وعريضة لا يمكن لها أن تحل مشاكل اللبناني على الرغم من أهميتها وضرورة الحديث فيها والبحث في تفاصيلها.
ففي سلم احتياجات البشر يبدأ الاهتمام بالأمور الضيقة والأساسية التي تؤمن استمرارية العيش ومن بعدها تنطلق عملية معالجة الأمور الأخرى.
من هنا وانطلاقا من الواقع اللبناني المأزوم اقتصاديا، تبدو الهوة واسعة بين عناوين الحملات الانتخابية المنتشرة على الطرقات وفي التلفزيونات وعبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، وبين احتياجات المواطن اللبناني الى اي طائفة او منطقة انتمى.
فحصر الحملات الانتخابية بسلاح حزب الله باعتباره كارثة البلاد والعباد أو بالنظر إليه كخشبة خلاص وفائض قوة لجميع المواطنين بوجه العدو الاسرائيلي، لا يمكن وضعه الا في خانة الهروب عن سابق تصور وتصميم من طرح العناوين الإصلاحية الضرورية التي لا يمكن أن تستمر حياة المواطن من دون العمل عليها بصورة جدية وأكيدة.
كما ان وضع الناس في قوالب جاهزة وتبويبهم وتصنيفهم وتخييرهم بين السيادة واللاسيادة، يبدو شعارا فضفاضا وفارغا من اي رغبة في التماس حاجات الناس والعمل على تخفيف أوجاعها وآلامها، اذ انه لا يمكن تعيير اي طرف لبناني بعلاقته مع الخارج في بلد يتغنى الجميع فيه بنسج العلاقات مع دول متعددة ومختلفة كفرنسا وايران والولايات المتحدة الاميركية والسعودية وروسيا وغيرهم من الدول العربية والغربية.
وبطبيعة الأحوال، فان معضلة السيادة المتراشق فيها كلاميا بين المرشحين لدخول الندوة البرلمانية، وبعيدا عن كونها مصطلحا وتعبيرا واسعا وحاملا للمئات من التفسيرات التي يمكن لكل طرف ان ينتقي ما يلائمه منها، تبدو فضفاضة وغير متطابقة مع واقع المواطن الباحث عن سداد أقساط المدارس وفواتير المستشفيات وتأمين بدائل الكهرباء، على أبواب فصل الصيف الذي قد تزيد درجات حرارته المرتفعة من لهيب الجهنم اليومي.
وانطلاقا من هنا، قد تكون هذه الشعارات الانتخابية الكثيرة، واحدة من ابرز الإشكاليات التي عانت منها حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، ففي حين حاولت الحكومة جاهدة طرح قضايا المواطن الملحة والمعيشية ووضع الحلول على السكة السليمة عبر مفاوضاتها المستمرة مع صندوق النقد الدولي أو عبر طرحها قانون “الكابيتال كونترول” ،وجدت نفسها تصطدم بحائط نيابي اساسه تغليب مصلحة الفوز بالانتخابات النيابية على المصلحة الوطنية العامة، فشد العصب لاجتياز استحقاق أيار هو الهاجس الوحيد لمختلف الأحزاب والتيارات السياسية، اما حقوق المواطن واحتياجاته فهي وعلى ما يبدو ليست اولوية عند معظم أصحاب اللافتات الانتخابية المنتشرة على الطرقات العامة والفرعية والداخلية.