ضيفان “ثقيلان” على الطبقة السياسيّة الحاكمة

17 مايو 2022
ضيفان “ثقيلان” على الطبقة السياسيّة الحاكمة


كتب نقولا ناصيف في “الاخبار”: بإعلان النتائج النهائية، أمس، باتت الانتخابات النيابية من الماضي. المتوقع إغراق المجلس الدستوري في الأيام المقبلة بكمّ غير محسوب من الطعون، لن يسعها أن تبدّل من هويّة البرلمان المنتخب الذي لا يشبه أيّاً من المجالس الستّة التي سبقته منذ ما بعد اتفاق الطائف، إلا أنه على صورة الاضطراب الذي تعيشه البلاد، وقد يكون جزءاً منه.

في حصيلة ما انتهى إليه استحقاق 2022 انتخاب النواب السنّة بمَن حضر، وتحوّلهم الى كتل صغيرة محلية منفصل بعضها عن بعض. لا قاسم مشتركاً يجمع في ما بينها. بيد أن أكثر ما يُفرّق هذا البعض عن ذاك انقسامها على نفسها حيال الموقف من حزب الله. ربما الاستثناء التمثيلي المنطقي الوحيد هو صيدا التي استعادت عائلتيْها التاريخيّتين في زعامة المدينة من غير أن تجتمعا مرة في دورة واحدة: ابنا النائبين السابقين المتنافسين معروف سعد ونزيه البزري.
ليس رئيس الحزب سمير جعجع اليوم سوى “الضبع” المسيحي الجديد المثير للقلق في أي من خيارات التحالف التي سيرسيها في البرلمان الجديد. لم يعد يحتاج الى الحريري وكرّس تقدّمه في الانتخابات، ولا سيما في الدوائر التي فيها ناخبون سنّة، القطيعة النهائية معه. اطمأن الى الظهير السعودي له، وأمسى شريكاً فعلياً لجنبلاط في جبل لبنان الجنوبي، وتخلّص نهائياً من الشكوك التي كان يبعثها تحالف التيار الوطني الحر مع حزب الله: كبّر حصته المسيحية على حساب غريمه، وانتزع من الثاني ما يفترض عند الحزب أنه في عقر داره وهو المقعد الماروني في بعلبك – الهرمل.
دخول المجتمع المدني بشتى مسمياته الى البرلمان للمرة الأولى، بعدما اعتاد أن يتظاهر أمامه ويقطع الطريق عليه من الخارج ويتعرّض للاعتداء. وسواء تحالف نوابه الجدد مع النواب الذين سبق أن استقالوا وعادوا الى البرلمان الجديد بأحجام معززة، أو شاؤوا إدارة مواجهتهم على طريقتهم، بات من باب لزوم ما لا يلزم التأكيد أن ثمة ضيفاً ثقيلاً جديداً على الطبقة السياسية الحاكمة. أضحى نواب المجتمع المدني ثالثة أقليات البرلمان الجديد، بعد أقلية أولى يمثلها الثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر، وأقلية ثانية يفترض أن تمثلها كتلة حزب القوات اللبنانية وحلفاؤها السنّة الجدد في طرابلس وزحلة. لعل أول اختبار جدي للأسلوب الذي يتحضّر له نواب المجتمع المدني، من غير أن يمتلكوا بالضرورة سوى القدرة على الاعتراض والشغب، انتخاب رئيس للبرلمان ومن ثم الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس مكلف للحكومة. واقع الأمر أن رهان هذا الفريق يكمن في تقاطع دوره داخل السلطة الإجرائية مع وجوده في الشارع ومقدرته على التحرّك، مذ استمدّ شرعيته من حركة الاحتجاج في 17 تشرين الأول 2019.