حتى ساعة متأخرة من ليل امس، كانت معظم نتائج الانتخابات النيابية قد صدرت وبقيت بعض الدوائر التي تدور فيها المعركة على نائب من هنا واخر من هناك، لكن الصورة العامة للمجلس المقبل باتت واضحة نسبيا ولا تحتاج إلى تفاصيل النتائج المتبقية الا في حال حصول مفاجآت كبرى اصبحت مستبعدة الآن.
لن تنخفض كتلة تحالف قوى الثامن من اذار والتيار الوطني الحر عن ٦٢ نائبا ولن تكون اكثر من ٦٤ في احسن الاحوال ما يعني ان الاكثرية النيابية لن تكون لصالح الحزب وحلفائه هذه الدورة البرلمانية، في حين ان خصوم الحزب سيحصلون مجتمعين على اكثرية وهمية عمليا، خصوصا ان الكتل السياسية التي تشكل الاكثرية النيابية الجديدة منقسمة الى عدة مجموعات سياسية:
المجموعة الاولى هي “قوى الرابع عشر من اذار” التقليدية، والمجموعة الثانية تضم النواب المستقلين والكتائب اللبنانية وهم الذين لعبوا دور المعارضة في المرحلة الماضية، المجموعة الثالثة هي كتلة المجتمع المدني والحراك المدني. اما المجموعة الاخيرة فهي كتلة اسامة سعد والتي قد تتمايز عن سائر الكتل في ما يخص سلاح حزب الله وموضوع المقاومة.
بعيدا عن الضجيج المرتبط بإنتخاب رئيس مجلس نواب، وهو امر شعبوي لا اكثر، اذ ان بري يمتلك اكثرية مريحة عابرة للتكتلات والانقسام السياسي ستنتخبه رئيسا لمجلس النواب ، كما انه رئيس السن اي سيتمكن من رئاسة المجلس في حال حصول فراغ، بعيدا عن كل ذلك تبدو الاستحقاقات الدستورية الاخرى في خطر.
لن يكون المجلس النيابي الفاقد للاكثرية، مسهّلا لاتمام الاستحقاقات، فمثلا تبدو عملية تسمية رئيس جديد للحكومة متعثرة في ظل عملية المزايدة التي ستحصل بين كتلة القوات من جهة وبين المجتمع المدني من جهة اخرى، وعليه فإن تسمية قوى الثامن من اذار والتيار الوطني الحر لرئيس حكومة سيقابله تهديد بعدم منح الحكومة الثقة من قبل الاكثرية النيابية.
هذا الامر سينطبق على كل الاستحقاقات من رئاسة الجمهورية الى مناقشة القوانين التي سيتم اقتراحها واقرارها، وسيدخل المجلس النيابي في حالة غير مسبوقة خصوصا انه لا يوجد كتلة ثابتة يمكن ان تكون بيضة القبان في البرلمان بل ستترنح القرارات في ظل الانهيار الشامل الحالي.
لا تزال النتائج التي تصدر تباعا عن وزارة الداخلية بحاجة الى دراسة سياسية جدية خصوصا ان حزب الله قد يكون حصل على اكثرية نيابية مؤيدة لسلاحه وفي الوقت نفسه كتلة سياسية متحالفة سيعمل على جعلها متجانسة لتكون الاكثر قوة في المجلس النيابي في المرحلة المقبلة.