قبل الإنتخابات النيابية حدّد الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله العناوين العريضة لهذه المعركة، فوصفها بأنها “حرب تموز سياسية”.
وفي إطلالة أخرى إعتبر السيد أن معركة الحزب هي معركة إنجاح حلفائه في مختلف المناطق، داعيًا بيئته الشيعية إلى أوسع مشاركة في الإقتراع في معركة أراد لها أن تكون “مفصلية” ومصيرية”، بإعتبارها معركة ضد المشروع الأميركي لتحجيم “المقاومة” عبر إسقاط حلفائها، ومن بينهم “التيار الوطني الحر”، الذي يُعتبر منذ تفاهم “مار مخايل” الغطاء المسيحي شبه الوحيد لمشروعية “المقاومة”، من حيث حجم تمثيله الشعبي على الساحة المسيحية، وفي مواجهة المحور الذي يعتبر أن “سلاح الحزب” هو أساس المشاكل التي يعيشها لبنان، وفي الطليعة حزب “القوات اللبنانية”.
كان من بين أهداف “حزب الله” الأساسية في هذه المعركة ثلاثة أساسية:
أولًا، عدم السماح بإسقاط النائب جبران باسيل من خلال صناديق الإقتراع.
ثانيًا، العمل على إسقاط مرشح “القوات” في دائرة بعلبك – الهرمل النائب طوني حبشي مهما كلّف الأمر.
ثالثًا، إنجاح مرشح الحزب في منطقة جبيل رائد برو، وعدم ترك أي ثغرة لأي إختراق في “البلوك” الشيعي، منعًا لإحتمال طرح أي إسم آخر غير الرئيس نبيه بري لرئاسة مجلس النواب في ولايته الجديدة.
بالنسبة إلى النقطة الأولى نجح “حزب الله” في دعم باسيل بكل الطرق، سياسيا وبالاصولت والامكانات.
ومن الوقائع الانتخابية الموثقة ان مواقع حزب “الكتائب” و”القوات” وماكينة المرشح مجد حرب تعرضت لهجوم سيبيراني منظّم بين الساعة العاشرة والساعة الحادية عشرة ليلًا، أي بعد نحو ثلاث ساعات من إقفال صناديق الإقتراع، مما تسبّب بإنقطاع كل أجهزة التواصل بين المراكز الرئيسية لهذه “الماكينات” وكافة المندوبين المنتشرين في إقلام منطقة البترون. وقد ترافق ذلك مع مشهد لم يألفه أهالي البترون، بشهادة شهود عيون، تمثّل بمواكب سيّارة لمناصرين من “حزب الله” حاملين الإعلام الصفر كانت تجوب في ساحات البترون ذهابًا وإيابًا لمدة ساعة تقريبًا، مع إطلاق الزمامير والهتافات.
ويقول بعض البترونيين، والرواية على ذمتّهم، وناقل الكفر ليس كافرًا، إنه بعدما تمّ إصلاح العطل الالكتروني تبدّلت النتائج في مختلف أقلام البترون، ساحلًا ووسطًا وجردًّا، من دون سابق إنذار، لمصلحة باسيل، بما يعادل الألفي صوت.
ماذا حصل في هذه الأثناء؟ لا أحد يعلم.
وبحسب المعلومات فان المرشح مجد حرب، وهو محام، بدأ يستجمع كل المعطيات الحسّية تمهيدًا لتقديم طعن بنتائج فرز الأقلام في منطقة البترون بين الساعة العاشرة ليلًا والحادية عشرة أمام المجلس الدستوري ضمن المهلة الدستورية لتقديم الطعون.
بالنسبة إلى النقطة الثانية،”وعلى رغم ما مورس على المرشحين الشيعة في لائحة النائب حبشي من ضغوطات لإنسحابهم من المعركة”، على حدّ أقوال النائب حبشي، فإن “حزب الله” لم يستطع أن يحشد البيئة الشيعية بما يكفي لرفع الحاصل الإنتخابي ولجعل فوز حبشي شبه مستحيل، ولكن إستطاع مرشح “القوات” أن يخترق “الثنائي الشيعي”، ويُقال أن الحاصل الذي مكّنه من الفوز كان مشتركًا بين أصوات المسيحيين والسنّة والشيعة.
أمّا في النقطة الثالثة المتعلقة بجبيل فقد حقق الحزب نجاحًا باهرًا، مستفيدًا من أخطاء إنتخابات العام 2018، فرأى أن لا بدّ من التحالف مع “التيار الوطني الحر” في هذه الدائرة مقابل تحالفات أخرى لم تكن كافية في منطقة جزين مثلًا، حيث سقط مرشحا “التيار” وحلّ مكانهما المرشحان المدعومان من “القوات اللبنانية”.
وبين هذه الأهداف الرئيسية الثلاثة الأخرى سها عن بال “حزب الله” معاركه الجانبية الأخرى، فكان سقوط مدّوٍ لحلفائه كطلال إرسلان في عاليه ووئام وهاب في الشوف وإيلي الفرزلي في البقاع الغربي وأسعد حردان في مرجعيون – حاصبيا، وكذلك مروان خير الدين، وفيصل كرامي في طرابلس.
إستنادًا إلى هذه الوقائع يمكن إعتبار “حزب الله” خاسرا ايضا في هذه الإنتخابات، مع العلم أن خصمه السياسي، أي “القوات اللبنانية” حقّقت نحاحا لا يُستهان به، من دون الدخول في مهاترات من أصبح يملك أكبر كتلة مسيحية أو أكبر تكتل نيابي.
فهل سيقول السيد نصرالله في كلمته اليوم، كما أعتدنا عليه، كل الحقيقة.