حُسمت نتائج الانتخابات النيابية، وبعيداً عن التأويلات التي تطال كل الملفات في لبنان وتخضع لوجهات نظر الفرقاء السياسيين، الا ان القراءة التحليلية لنتائج هذا الاستحقاق وأرقامه باتت ممكنة الى حد كبير.
شكّلت نسبة التصويت السنيّة لغزاً شائكاً قبل موعد الاستحقاق النيابي الذي جرى قبل ايام، وبرز وقتها السؤال حول ما إذا كان الجمهور السنّي سيلتزم المقاطعة ام سيصوّت لصالح خصوم الرئيس سعد الحريري او للمجتمع المدني. هذا السؤال عُوّل على جوابه لتحديد شكل النتائج من خلال تعاطي الشارع السنّي مع واقع الانتخابات، غير أن صناديق الاقتراع ونسبة التصويت قطعت الشك باليقين.لم تكن المقاطعة السنّية على مستوى تمنيات رئيس “تيار المستقبل” سعد الحريري الممتنع عن المشاركة في الانتخابات النيابية، اذ إن نسبة لا بأس بها من الشارع السنّي في غالبية الاقضية ذهبت نحو الاقتراع في العديد من الدوائر، الا ان ذلك لا يعني أبداً أن قرار التصويت أتى ضدّ الحريري، إذ ربما ارتاب جمهور “المستقبل” من فكرة المقاطعة بعد العديد من التحليلات التي اعتبرت أن المقاطعة من شأنها أن تخدم خصوم الحريري المستجدين من فريق 14 اذار، فقاموا بتكثيف التصويت لصالح مجموعات المجتمع المدني، كما ان “المال السياسي” الذي أغدق بلا حساب حفّز شريحة من الناخبين للتصويت.
ولعلّ خسارة “انقلابيي المستقبل” الذين لم يلتزموا قرار الرئيس الحريري عدم المشاركة في الانتخابات النيابية بدت فادحة في مختلف الدوائر. ففي البقاع الغربي رسب المرشح محمد القرعاوي، وفي عكار تعرّضت اللائحة التي وصفت “بالقوية جدا” لانتكاسة كبرى في حين أن المستقلين من “المستقبليين السابقين” قي طرابلس خسروا المعركة الانتخابية.اما لوائح الرئيس فؤاد السنيورة فقد تلقّت ضربة قاسمة إذ لم تستطع أن تؤمّن الحاصل الانتخابي في عكار وكذلك في بيروت حيث أن الحاصل الانتخابي كان من نصيب مرشح “الحزب التقدمي الاشتراكي” بدلاً من مرشح السنيورة، الامر نفسه حصل في صيدا حيث فازت لائحة “القوات اللبنانية” على لائحة السنيورة.كل ذلك يوحي بأن السنّة ظلوا حاضرين على الساحة الانتخابية لكنهم في الوقت نفسه اوصلوا رسالة الى كل من حاول تخطّي قرار الرئيس سعد الحريري والانقلاب عليه بهدف اضعافه، هذه الرسالة حملت عنوان “انتم لا تمثّلونا” وتظهّرت بشكل واضح في نتائج الانتخابات.
كل ذلك يفتح الباب امام تطورات سياسية في المرحلة المقبلة مع تداول معلومات حول عودة الرئيس سعد الحريري الى العمل السياسي وبالتالي اعادة خلط الاوراق وتجميع اكبر عدد من النواب السنّة حوله بعد “الغربلة” الاخيرة بغض النظر عن الانتماءات التي خاضوا بها المعركة الانتخابية وحققوا فوزهم على أساسها.