الجلسة الأخيرة للحكومة اليوم.. كلمة حق تقال!

20 مايو 2022
الجلسة الأخيرة للحكومة اليوم.. كلمة حق تقال!

كتب غسان ريفي في “سفير الشمال”:
 
تعقد حكومة ″معا للانقاذ″ اليوم جلستها الأخيرة، حيث من المفترض أن تتحول يوم غد السبت الى حكومة تصريف أعمال مع إنتهاء ولاية مجلس النواب الحالي، وتسلم المجلس المنتخب مهامه التشريعية.

ثمانية أشهر أمضتها الحكومة في سدة المسؤولية، إرتضى رئيسها نجيب ميقاتي خلالها أن يحمل كرة النار وأن يتصدى لكثير من الأزمات بصدره، بدءا من التعطيل الذي أصاب الحكومة بعد تشكيلها بأقل من شهر وحوّله ميقاتي على مدار أكثر من مئة يوم الى طاقة إيجابية تُرجمت بخلية نحل في السراي الحكومي لتحضير الملفات وعقد الاجتماعات الوزارية لتسيير شؤون المواطنين، مرورا بحماية القضاء ورفض التدخل في شؤونه والحفاظ على إستقلاليته، وصولا الى تدوير الزوايا ومواجهة التوترات الداخلية والأزمات الخارجية بكثير من الحنكة والحكمة، ما ساهم في تعزيز الاستقرار السياسي والأمني الذي ساعد على إنجاز أكبر الاستحقاقات وهو الانتخابات النيابية.

مع تشكيل الحكومة ونيلها الثقة بسرعة قياسية، أخذ نجيب ميقاتي على عاتقه إعادة لبنان على الخارطة الدولية والعالمية بعد سنوات من العزلة الكاملة، فطرح القضية اللبنانية على طاولة صناع القرار في مؤتمر المناخ في غلاسكو، ومن ثم في قمة ميونخ، وحمل أوجاع لبنان الى الفاتيكان والأزمات الأخرى الى فرنسا ومصر والأردن وتركيا وقطر والعراق وغيرها، كما لم يتوان عن بذل كل الجهود الممكنة لمعالجة الأزمة مع دول الخليج فأعاد وصل ما إنقطع معها، فعاد السفراء الى ممارسة مهامهم الدبلوماسية في لبنان، وترجم ذلك بإقرار الصندوق الفرنسي ـ السعودي بمبلغ أولي هو 36 مليون دولار.
عملت حكومة الرئيس ميقاتي في ظروف بالغة الصعوبة، وهي لم تأت لتحمل المن والسلوى للبنانيين، بل جاءت لتوقف إنهيار بلد وصل بفعل السياسات الخاطئة الى الدرك الأسفل من جهنم، ومن الطبيعي أن لا يكون الانقاذ متاحا في ثمانية أشهر، لكن ما حصل هو الحد من الانحدار ومنع حصول الارتطام الكبير الذي كان ينذر بالفوضى الشاملة.

لم ينته الأمر عند الصعوبات، بل الأسوأ منذ ذلك، هو خوض الكثير من التيارات السياسية الانتخابات النيابية على ظهر الحكومة وممارسة شعبوية ممجوجة، لا تصب في مصلحة اللبنانيين، حيث عطلت هذه التيارات الكثير من المشاريع الحكومية الاصلاحية خوفا على شعبيتها في الاستحقاق النيابي، فتُركَ نجيب ميقاتي وحده في ميدان مواجهة الأزمات، بدل أن يصار الى تحويل البلد الى ورشة عمل إنقاذية وطنية يشارك فيها الجميع بدون إستثناء.وبالرغم من التعطيل والشعبوية والمناكفات، عاش لبنان مرحلة من الاستقرار النسبي، ونجح ميقاتي في جعل التفاوض مع صندوق النقد الدولي أمرا واقعا، حيث من المفترض أن تستكمل هذه المفاوضات تمهيدا للبدء بضخ المساعدات المالية التي ستترافق مع هبات من الدول المانحة، كما أنجز كل ما يتعلق بملف الغاز المصري والكهرباء الأردنية التي لم تعد تحتاج سوى الى ورقة تسهيل مرور أميركي تمنع عقوبات قانون قيصر عن مصر والأردن وسوريا ولبنان، وكذلك سارع الى إقرار الموازنة، والأهم من كل ذلك كان إنجاز تنظيم الانتخابات النيابية بهذا المستوى من الديمقراطية والشفافية والصدقية التي أوصلت ثوار 17 تشرين الى البرلمان إضافة الى شخصيات تغييرية ومدنية، من دون أية تدخلات، حيث آثر الرئيس ميقاتي العزوف عن الترشح ليكون على مسافة واحدة من الجميع، وقاد هذا الاستحقاق من دون أي إصطفافات لمصلحة أحد، مؤكدا النأي بالحكومة عن أية أجندات داخلية أو خارجية، فأفسح في المجال أمام تكوين سلطة جديدة متنوعة من المفترض أن تعمل على تشكيل حكومة في أسرع وقت ممكن لاستكمال الإنقاذ الذي بدأته حكومة ميقاتي الثالثة.مع الجلسة الأخيرة اليوم لحكومة معا للانقاذ، وفي ظل الاحتفالات بوصول الثوار الى مجلس النواب، والمزايدات السياسية والتنافس على الأكثريات النيابية، لا بد من كلمة حق تقال، بأن نجيب ميقاتي حافظ على الدولة من السقوط، ومنع مؤسساتها من الانهيار، وساهم في تغيير النظرة العربية والدولية الى لبنان وفي إعادة الثقة الى وطن كان على وشك أن يلفظ أنفاسه الأخيرة!..