ثلاث إطلالات للأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله في أقل من أسبوع بعد الإنتخابات النيابية، وآخرها سيكون يوم الأربعاء في الذكرى الـ 22 لتحرير الجنوب من العدو الإسرائيلي.
ففي الإطلالتين السابقتين شدّد نصرالله على ضرورة إنصراف الجميع إلى معالجة الوضعين الإقتصادي والمعيشي، داعيًا إلى الشراكة الإنقاذية، من دون تحديد الأطراف التي دعاها إلى هذه الشراكة. فهل قصد من بين مَن قصد “القوات اللبنانية” و”الحزب التقدمي الإشتراكي” و”حزب الكتائب” والنواب المستقلين أو “نواب الثورة”؟
كلام السيد في ظاهره كلام إيجابي، ويمكن بالتالي البناء عليه للتأسيس لمرحلة جديدة من العمل الوطني الجامع والقائم على أساس الدولة “العادلة والقادرة”، وعلى أساس المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات وخضوع الجميع لأحكام القوانين المرعية الإجراء من دون إستثناء.
وهذا الكلام يُفترض أن يُقابَل بكلام مماثل، أقّله في الشكل، إذ لا أحد من المكّونات السياسية لا يريد إخراج البلد من أزماته، التي هي في صورة من الصور نتيجة الأداء السيء في إدارة الشأن العام، وفي إعتبار الدولة “بقرة حلوب” عمل الجميع على الإستفادة من خيراتها حتى أصبحت “جلدة وعضمة”.
الجهة المقابلة لـ”حزب الله” سبق لها أن حدّدت من خلال حملاتها الإنتخابية العناوين الرئيسية للحلّ، وهي ترى أن البداية تكون بإيجاد حلّ ما لسلاح الحزب، وهي تعتبره غير شرعي وغطاء للفساد المستشري في البلد، وأن أي حلّ إنقاذي من الوضع المأسوي الذي يعيشه اللبنانيون لن يبصر النور ما لم يقترن بحلّ نهائي لمسألة هذا السلاح الذي تعتبره خارج الشرعية اللبنانية ويجب أن يكون بطريقة ما تحت سلطة الجيش.
أمّا الذين يدافعون عن ضرورة بقاء سلاح “حزب الله” للدفاع عن كل لبنان وعن جميع أبنائه فيرون أن الذين يطالبون بنزع هذا السلاح إنما ينفذّون اجندات خارجية تريد أن يبقى لبنان ضعيفًا ومستضعفًا، وهذا ما قاله السيد نصرالله بنفسه وما يقوله أكثر من مسؤول وقيادي في الحزب عندما يتّهمون الولايات المتحدة الأميركية وبعض الدول العربية المتحالفة معها بجرّ لبنان إلى خارج بيئته الطبيعية.
فأمام هذه المعضلة، وهي ليست جديدة أو مستجدّة، وأمام عدم إمكانية التفاهم على خطة إنقاذية جامعة وموحدّة، وذلك بسبب هذا التباين في وجهات النظر، فإنه يُخشى إستفحال الأزمة الإقتصادية أكثر فأكثر، بحيث تصبح إمكانات الحلول معدومة، بالأخصّ أن ما هو مقبل عليه لبنان من إستحقاقات دستورية، وأولها “معركة” رئاسة مجلس النواب ونائبه والمكتب الرئاسي المجلسي، وثانيها تسمية رئيس جديد للحكومة ومن بعدها تشكيل هذه الحكومة وسط كمّ هائل من الطروحات المتناقضة، التي يُعتقد أنها إذا إستمرّت على هذا المنوال فلن تفضي إلى أي نتيجة عملية، وستدخل البلاد في أزمة التسمية والتشكيل، مع أن الوقت لا يسمح بكثير من المناورات، لأن وضع الناس المأزوم لا يسمح لأي طرف بأن “يلعب” لعبة “الغميضة” في الوقت الضائع، وهذا سيقود حتمًا إلى إنفجار إجتماعي كبير.
فالعقدة معروفة، وكذلك الحل. لكن المشكلة أن لا أحد يريد أن ينظر ويرى لا العقدة ولا الحل، وبالتالي يمكن القول “كل إنتخابات وانتم بخير”، و”تبقوا تخبزوا بالأفراح”.