أخذ الانهيار الاقتصادي والمالي مستوى مختلفا خلال الايام الماضية فوصل سعر صرف الدولار الى رقم قياسي بالتوازي مع ارتفاع اسعار المحروقات وتراجع جودة الخدمات العامة. الخطير في هذا التعثر المتجدد انه يحصل في ظل مجلس نيابي جديد قد يكون غير قادر على الخروج من تعطيل نفسه وتعطيل المؤسسات الدستورية.
لا يبدو ان الواقع اللبناني يتجه نحو سلطة جديدة تدير الانهيار، بل نحو تعطيل يليه تعطيل، الامر الذي يوحي بأيام سوداوية يكون فيها الانهيار المالي والنقدي اخطر مما هو عليه اليوم بكثير، لذلك فإن الافق المسدود على صعيد الانقاذ الداخلي او ادارة الازمة، قد يكون مفتوحا على صعيد المبادرات الخارجية.
يعول كثيرون على التطورات الايجابية في العلاقات والمفاوضات السعودية- الايرانية خصوصا ان الملفات الاقليمية ستكون الطبق الاساسي للمشاورات الثنائية بعد الانتهاء من ملف علاقتهما الديبلوماسية، وعليه فإن لبنان سيكون احد بنود البحث الاقليمي بين الدولتين.
تعتبر مصادر مطلعة بأن السعودية ليست في وارد البحث عن دور في لبنان اقله في المدى المنظور، وعليه فإن الساحة اللبنانية بالنسبة لها ستكون عاملا من عوامل الضغط على حلفاء ايران من اجل الحصول على مكتسبات في ساحات اخرى، وهذا يعني بأن التسوية قد لا تكون مستبعدة، لكن بعد الاتفاق شبه الكامل بين طهران والرياض.
وتعتبر المصادر ان هكذا تسوية لن تؤدي الى قيام الرياض بدعم الاقتصاد اللبناني او المساهمة الكاملة في عملية الانقاذ، لكنها ستعطي ما يشبه الضوء الاخضر لدول اخرى ترغب بالبدء بعملية انقاذ في لبنان، وفي طليعتها فرنسا التي لا تريد تجاوز المملكة العربية السعودية في اي مبادرة في بيروت.
بحسب المصادر فإن هذا السيناريو هو السيناريو الايجابي، لكن ماذا لو لم تنضج التسوية بين السعودية وايران بسرعة؟ هل يستطيع لبنان تحمل الواقع المنهار لوقت اطول؟ يبدو ان الانفجار الاجتماعي بات اقرب من اي وقت مضى ولن يكون ضبطه متاحا بالرغم من رفض معظم القوى المعنية بالساحة اللبنانية حصول اي فوضى اجتماعية…
الكباش الحالي في لبنان بالتوازي مع التطورات الاقليمية سيكون عنوان السباق بين التسوية والفوضى من دون اغفال امكان تدهور الاوضاع العسكرية بسبب عملية التنقيب عن النفط التي تقوم بها اسرائيل او انفجار الجبهة السورية بسبب غارات اسرائيلية على مواقع ايرانية.كل ذلك سيصيب الواقع اللبناني بشكل مباشر او غير مباشر…