لا إصلاح في لبنان من دون سيادة الدولة

26 مايو 2022
لا إصلاح في لبنان من دون سيادة الدولة


كتبت “الراي”: شكلتْ الانتخاباتُ النيابية التي جرتْ أخيراً في لبنان «علبةَ مفاجآت» في كسْرها قواعد اللعبة التي غالباً ما حَكَمَتْ العمليةَ الانتخابية، ترشيحاً وفوزاً.
 
وواحدة من العلامات الفارقة في السباق الى برلمان 2022 كان تَرَشُّح غادة أيوب على لائحة حزب «القوات اللبنانية» في دائرة صيدا- جزين والذي فاجأ الجميع. لكن بسرعة استطاعت هذه السيدة، وهي الناشطة الاجتماعية في مدينة صيدا وجوارها، أن تنال ثقة الناخبين وتدخل الى بيوتهم وضمائرهم بطروحاتها السيادية فاختاروها لتمثّل منطقتهم في مجلس النواب.
 
لم يكن اسم غادة أيوب بين الأسماء المتداولة بقوة في الشأن السياسي اللبناني أو بين أوساط الناشطين في الثورة او الأحزاب اللبنانية، لكن على الصعيد الأكاديمي وفي أوساط الجامعة اللبنانية حيث تدرّس القانون الضريبي والمنازعات الضريبية والمالية والقانون الدولي لحقوق الإنسان، فهي شخصية معروفة بدفاعها عن دولة القانون والمؤسسات وانخراطها في الشأن العام لخدمة الإنسان وتحقيق العدالة الاجتماعية.
 
غادة أيوب السيدة الشابة الديناميكية، انطلقت في ترشحها وفق ما تقول لـ «الراي» من «وجع كل أمّ وصرختها وصرخة الشباب الذين يهاجرون وطنهم بعدما سُدت في وجههم كل طاقات الأمل».
 
أيوب، وهي أم لشابين كبيرهما في العشرين والأصغر في السادسة عشرة من عمره، تؤكد أنها لو لم تُطْلَق هذه الصرخة لربما كانت ستندم طوال حياتها، وأقله يمكن أن تقول لولديها ولكل الشباب «لقد حاولنا».
 
لم تكن لديها رهبة من الترشح للانتخابات النيابية في منطقة صعبة بل كانت عقدت العزم على المواجهة. ولا تنفي أن عائلتها الصغيرة كما الكبيرة كانت خائفة ليس لكونها امرأة بل لكونها سيدة تقف في وجه منظومة الفساد في منطقة اعتُبرت محسوبة كلياً على المحور الآخر وغاب عنها أي كلام عن السيادة والحياد وعن عدم الهيمنة على الدولة «منطقة أريدَ لها أن تحتجب عن الخريطة السيادية، ولكنها قالت كلمتها بكل جرأة ووضوح».
 
من جزين الجنوبية حملت الراية وتوجّهت الى الناخبين بخطاب سيادي واضح كما تقول: «لم أكن خائفة، وضعت عائلتي بالأجواء وقلت لها يجب أن أرفع الصوت، ووجدتُ منها كل الدعم. كوني امرأة لم يقف عائقاً مطلقاً بيني وبين الناس بل وجدت منهم كل التشجيع وقد وثقوا بشخصي وبكوني مدعومة من حزب كبير. ووجدت كذلك أن المسألة الجندرية تختفي كلياً إذا كان المرشح قادراً على فرض نفسه وإقناع الناس بخياراته. لقد تكلمتُ باسم الناس ولم أفرض نفسي عليهم. طَلَبْتُ منهم المواجهة وكأنهم هم المرشحون وكانوا فعلاً قياديين يحملون راية الخط السيادي. فالقصة ليست قصة امرأة او رجل بل وجود الشخص المُناسِب. خضتُ معركتي بلا كوتا نسائية ولم يقدَّم الكرسي النيابي إليّ، وفي رأيي لا يوجد مقعد حكر على جنس معين أو حتى حزب معين، بل أدعو كل السيدات إلى أن يخضن كافة المعتركات إذا كنّ حاضرات وعَمِلْنَ على أنفسهن وطوّرن قدراتهن. فالمرأة تملك القدرة والإرادة والطاقات ولا بد أن تستثمرها وتنتهز الفرص لا أن تنتظر أن يمهّد لها الآخرون الطريق».
 
دعْم الناس لها في منطقة جزين لم يكن وليد الصدفة بل جاء نتيجة خطابها السيادي الواعي وصدقيتها وتَراكُم مسيرتها وخصوصاً أنها مرشحة مستقلة مدعومة من «القوات اللبنانية»، وقد تجلى هذا التقدير في صناديق الاقتراع التي أعطت غادة أيوب 7953 صوتاً تفضيلياً.
 
أما ما الذي جمعها بحزب «القوات» وهي المستقلة وفق ما تقول؟ فتشرح أيوب أنها ليست حزبية ولم تتلقّ تنشئة حزبية أو تشارك في الاجتماعات الحزبية، لكن مبادئ واحدة جمعتْها بـ «القوات اللبنانية» وهي الحياد، السيادة، حماية الهوية اللبنانية وحصر السلاح في يد الدولة، مع تأكيدها أنها يمكن أن تتميز بخبرتها الأكاديمية والاجتماعية واختصاصها العلمي في عالم المال والضرائب.