كتبت دانيال شمص في “الأخبار” «وضع البلد صعب، وكل همّنا لقمة العيش لا أكثر، لكنّهم يستغلون حاجتنا إلى العمل» هكذا يعبّر أحد الموظفين في قطاع المطاعم عن حاله وزملائه، بعدما وصلوا إلى حال يرثى لها بسبب حرمانهم من أقلّ حقوقهم. حرمان يكتمل مع التهديد بالفصل من العمل، وفق ما يروي حسام عن آخر موقف تعرّض له عندما ذهب لتقاضي راتبه وتبيّن أنه «فراطة لا قيمة لها». صرخ محتجّاً، فطلب منه المدير مراجعة قسم المحاسبة. وهناك، هدّد بتقديم شكوى إلى وزارة العمل فأجابته رئيسة القسم: «افعلها وتصبح فوراً في البيت». خاف حسام على فرصة العمل الوحيدة المتاحة له لإعالة عائلته، فتراجع عن قراره.
لا راتب ثابتاً للكثير من العاملين في المطاعم، وإن كان الرائج أنها تتراوح بين مليونين إلى ثلاثة ملايين ليرة شهريّاً في أفضل الحالات، متضمنة بدل النقل. «يا ريت عم نلحق 100$ شهريّاً، عم نخاف نجوع وعايشين على شعرة من الهاوية» يقول حسام، مؤكداً أنّ «الرّاتب الذي يكفي لآخر الشهر أصبح حلماً». فالمفارقة حاصلة بين ما يتقاضاه الموظف وبين ما يحتاجه شهرياً. أما المواصلات، فلا يحصل عليها الموظفون في هذا القطاع في مخالفة لكلّ القوانين. «يوميتي 60 ألفاً، ووزارة العمل أقرّت بدل نقل 65 ألفاً» يقول عمر، الذي يعمل في أحد مطاعم بيروت لكي يساعد أمه العاجزة، ساخراً. وتزداد النقمة على أصحاب المطاعم من موظفيهم عندما يُجبَرون على التوجّه إلى المطعم ليعملوا ثلاث أو أربع ساعات فقط يومياً. هذا الأمر نتيجته أن يتقاضى موظف في أحد المطاعم المعروفة في منطقة بشارة الخوري «91 ألف ليرة فقط، أما زميلي فقد تقاضى 170 ألفاً، وعندما سألنا عن السبب كانت الإجابة: هلقد اشتغلتوا».
لا تقتصر ظروف العمل السيئة على الرواتب الزهيدة، بل تطاول الانتساب إلى الضمان الاجتماعي أيضاً. يؤكد أحد الموظفين أنه يعمل في المطعم منذ أكثر من سنة «حتى اليوم لم أنتسب إلى الضمان الاجتماعي، علماً أن القانون يقول إنه يجب أن أضمن بعد ثلاثة أشهر من العمل». الطريف أن «الإدارة تطلب منّا كل شهرين أو ثلاثة، سجلاً عدليّاً بحجّة الضمان، ثم يرمون الأوراق في الدُّرج كي يُسكتوننا». والمشكلة نفسها يعاني منها محمد الذي يعمل في أحد المطاعم منذ ثلاث سنين «وعندما طالبت بالضمان الاجتماعي لحفظ حقوقي، هدّدوني بالطرد من الوظيفة!».
يرفض وزير العمل مصطفى بيرم ما يحدث مؤكداً أن «القانون ألزم جميع المؤسسات التصريح عن موظّفيها كلّهم، بأسمائهم وأوراق ثبوتيّتهم ما يمنع أي تلاعب قانوني، ولن يستطيع أحد أن يضع قانوناً على قياسه». ويدعو الموظّفين المتخوّفين من التّقدّم بشكوى إلى «إرسال شكوى بالتفاصيل كاملة إلى الوزارة، وسوف نرسل مفتّشين لكي نقوم بعدها بأخذ الإجراءات القانونيّة، وليعلم كل الموظّفين أنّ الشكاوى تبقى سرّيّة ولا نصرّح عن اسم المتقدّم بها، شرط أن تكون المؤسسة قد تجاوزت القوانين».