بين برّي و”الوطني الحر”.. هل انتهت الخصومة؟

29 مايو 2022آخر تحديث :
بين برّي و”الوطني الحر”.. هل انتهت الخصومة؟


لا يُمكن أبداً إغفال الخلفيات المرتبطة بترشيح “التيار الوطني الحر”، النائب الياس بو صعب لمنصب نائب رئيس مجلس النواب. سياسياً، الأمرُ هذا يحملُ إشارات حاسمة على أكثر من صعيد في وقتٍ يحتدمُ فيه التنافس السياسيّ بين التيار والأطراف المسيحية الأخرى للتحكّم بمفاصل العمل النيابي خلال استحقاق شتى.

 
في الواقع، كان “التيار الوطني الحر” متريثاً في طرح بو صعب للمنصب، وتقول مصادر التيّار البرتقالي إن الإتصالات لم تهدأ طيلة الفترة الماضية لـ”تزكية” ذلك الطرح، في حين أن أجواء التيار الداخلية رحّبت بذلك القرار من دون أي اعتراضات. إضافة إلى ذلك، برز اسم بو صعب بقوة في محادثات أجريت مؤخراً بين أقطاب مهمة في التيار، وقد تعزز ذلك من خلال دفعِ شخصيات عديدة باسمه لتولي المهمّة في حال اكتسبها.
 
على المقلِب السياسي، يعتبرُ بو صعب شخصية ذات قبولٍ في الوسط النيابي خصوصاً من قبل برّي، فهو “الأقرب إلى مختلف الأطراف”، لكنّ الرهان الأكبر يكمنُ في حصوله على نسبة كافية من الأصوات لتجاوز “قطوع” الانتخاب. وفي حال تحقق ذلك، فإنّ بو صعب سيكون قد أدخل “الوطني الحر” مرحلة جديدة من “التقارب والتجانس” مع حركة “أمل” وتحديداً الرئيس نبيه بري الذي بات يضمنُ منصب رئاسة مجلس النواب لولاية سابعة.

 
صورة بري – بو صعب.. توثيق لصفقات؟
 
خلال اليومن الماضيين، كانت الصورة التي جمعت برّي مع بو صعب لافتة بشكل كبير، لكنها ترافقت مع حديث “غير دقيق” يتعلّق بتسويات وصفقات. وفي الواقع، فإنّ تقارب بو صعب مع بري ليس جديداً، فالأخير على علاقة جيدة بـ”وزير التربية السابق” الذي سيمثل رئيس مجلس النواب بحال غيابه عن أي جلسة نيابية. الأمرُ هذا بالحدّ الأدنى، في حين أن التقارب بين الطرفين سيتعزز أكثر، كما أن “التنافر” يمكن أن يكون وارداً في بعض المجالات. إلا أنه وبشكل أو بآخر، يبقى لزاماً على “الوطني الحر” التعاون مع برّي، فالمصلحة تقتضي ذلك لتسيير شؤون مجلس النواب انطلاقاً من قاعدة الحفاظ على “كيان السلطة” الحاكمة وسط المحاولات الحثيثة لتطويقه. مع هذا، فإنّ التقارب “الجدّي” بين بري و”الوطني الحر” عبر بوصعب، قد يساهم إلى نحو كبير في “كسر الجليد” بين الطرفين، ما يعني “انفراجة سياسية” وتقارباً جديداً فُقد منذ سنوات.
 
وانطلاقاً من هذا الأمر، كانت للصورة الأخيرة التي جمعت بري وبو صعب دلالة على أن تفاهمات بدأت تتبلور بين “الوطني الحر” و”أمل”، إلا أن ذلك يبقى في الإطار العام والعريض. فوفقاً للمصادر، لم يكن هناك أي حديث عن مقايضة واضحة بين بري وبو صعب بشأن عملية التصويت يوم الثلاثاء في انتخابات رئيس المجلس ونائه، لكن هذا الأمر هو غاية لا بدّ منها، وقد يكون هناك تفاهمٌ أولي بشأنه. وعليه، ترجح مصادر سياسية ألا يصوّت “الوطني الحر” علناً لبري في معركة رئاسة المجلس، لكنه قد يُمرر له أصواتاً تكفي لانتزاعه المقعد من الدّورة الأولى، وهنا الأساس. في المقابل، يُمكن لبرّي أن يُعطي “الضوء الأخضر” لكتلته لتمرير أصوات لبو صعب في معركة “نائب الرئيس”، كي يقطع الطريق أمام الكتل الأخرى التي تقف ضدّه مثل “القوات اللبنانية”، وبالتالي إقصاء غسان حاصباني من أمام بو صعب.
 
ورغم كل ذلك، فإنّ بري لن يقبلَ بـ”تربيحه جميلة” دعم “الوطني الحر” له، إذ أن الأخير هو الخصم الأبرز سياسياً لعين التينة، كما أن باسيل هو من الشخصيات المناوئة لبرّي، والأخير لن يكون متعاوناً على إيصال الأول إلى بعبدا. وعليه، فإنّ العمل التشريعي يبقى مفصولاً عن الاستحقاقات الكبرى، وبري من دون التيار “طالع طالع” رئيساً لمجلس النواب، وإن لم يكن ذلك من الدورة الأولى فسيكون من الثانية أو الثالثة لانتخابات الرئاسة.
 
في قراءة الخلفيات، قد يكونُ تقارب بري – الوطني الحر عبر بو صعب، هو إشارة يسعى “حزب الله” لاستغلالها لرصّ صفوف قوى الـ8 من آذار مجدداً. وإنطلاقاً من هذا الأمر، تشيرُ المعلومات إلى أن الحزب لن يعارض وصول بو صعب إلى نيابة رئاسة المجلس، في حين أنه سيسعى عبر الأخير لتقريب وجهات النظر بين “الوطني الحر” وبرّي على قاعدة التعاون البرلماني والمؤسساتي. وفي حال حصل ذلك، فإن الأمور لا تعني ذهاباً نحو “استمالة” بري لملفات أبعد من العمل التشريعي، والمقصود هنا عدم القبول برئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل كمرشح لرئاسة الجمهورية.
 
مع هذا، فإن من مصلحة “حزب الله” حالياً داخل المجلس أن يتقاربَ “الوطني الحر” مع بري، وذلك من أجل قطع الطريق على محاولات “القوات اللبنانية” تطويق بري من جهة وبو صعب من جهة أخرى. وبذلك، فإنه في حال وصل بري إلى منصبه مجدداً، وبحال خرق بو صعب “نيابة الرئاسة”، فإن السيطرة على إدارة المجلس تكون قد تحققت بقوة وبشكل فعّال.
 
وهنا، فإنّ المصادر تتحدث عن أن بري يمكن أن يأتي بنتيجة تبدأ بـ70 صوتاً وأكثر، وعندها سيكون ذلك بمثابة “انتصارٍ” على المحاولات التي حصلت لإقصائه، ويكون أيضاً قد نال أصوات خصومه وحلفائه ومن هم في المقلب الآخر مثل “الحزب التقدمي الإشتراكي”.
 
في مُحصلة الأمر، تكشف آفاق المرحلة عن حاجة للتعاون بين الطرفين في ظلّ هجمة كبيرة تُخاض ضدّ “حزب الله”، حليف بري وباسيل معاً. وانطلاقاً من مجلس النواب، إن لم تكن عملية التحصين قائمة، فإن الخسارة السياسية ستتوسّع، وسيصعب تماماً ضمان قوة الأفرقاء الثلاثة نيابياً ورئاسياً وحكومياً.
 

المقالات والآراء المنشورة في الموقع والتعليقات على صفحات التواصل الاجتماعي بأسماء أصحـابها أو بأسماء مستعـارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لموقع “بيروت نيوز” بل تمثل وجهة نظر كاتبها، و”الموقع” غير مسؤول ولا يتحمل تبعات ما يكتب فيه من مواضيع أو تعليقات ويتحمل الكاتب كافة المسؤوليات التي تنتج عن ذلك.