خلافًا لكلّ الاعتقادات التي سادت في الآونة الأخيرة، والتي أوحت بأنّ “الثنائي الشيعي” غير مرتاح لأجواء جلسة انتخاب رئيس المجلس ونائبه، باعتبار أنّ “مرشحه الطبيعي” للمنصب نبيه بري لن ينال من الأصوات ما “يحفظ” ماء الوجه بالحدّ الأدنى، وسيضطر إلى الذهاب لدورتين ثانية وثالثة، لضمان البقاء في “المنصب”، فإنّ المعلومات المتوافرة تؤكد أنه “مطمئنّ” لمجريات الجلسة، وما قد تحمله من “مفاجآت”.
ثمّة من يعزو هذه “الطمأنينة” إلى الاتصالات التي تجري خلف الكواليس، والتي “ضمنت” لبري الفوز من الجولة الأولى، بأصوات قد يكون بعضها “مفاجئًا”، إذا ما أعلِن، ولا سيما إذا صحّت التكهّنات التي تشير إلى أنّ “الأستاذ” نجح في “خرق” بعض الكتل الناشئة، أو المستحدَثة، أو حتى التي لا تزال “في طور” التشكيل، وضمان الحصول على أصوات بعض أعضائها، بمباركة “القيادة” وموافقتها، أو من دونها.لكن ثمّة أيضًا من يردّ “الانقلاب” في موقف “الثنائي” إلى اختيار “التيار الوطني الحر” النائب الياس بو صعب تحديدًا لتبنّي ترشيحه لمنصب نائب رئيس البرلمان، بعدما كانت “أسهم” النائب جورج عطا الله هي التي ترتفع، خصوصًا في “دائرة” رئيس “التيار” الوزير السابق جبران باسيل، وقد أوحى هذا الموقف لكثيرين بوجود “صفقة” قد تبقى “خلف الكواليس”، تضمن حصول بري على ما يحتاجه من أصوات لعبور “الألغام”.
“مقايضة” بين بري وبو صعب؟منذ إعلان “التيار” رسميًا تبنّي ترشيح الياس بو صعب لموقع نائب رئيس البرلمان، بدأ الحديث عن “ليونة” لدى “العونيّين” بعد “التصلّب” الذي عبّر عنه الوزير باسيل لجهة رفض التصويت للرئيس نبيه بري للعودة إلى رئاسة البرلمان، وهو ما تعزّز أكثر فأكثر من خلال اللقاء الذي جمع بري وبو صعب، والذي أوحى أنّ “الطبخة اكتملت”، ولو نفى الطرفان وجود أيّ “صفقة” أو “مقايضة” على خطّ جلسة الثلاثاء المرتقبة.يقول العارفون إنّ “الصفقة” حتى لو تمّت، برعاية ووساطة من “حزب الله” لا تبدو خافية على أحد، فهي لن تُعلَن على الأرجح، كما أنّها لن تشمل تصويت نواب “التيار الوطني الحر” بمجملهم لصالح الرئيس نبيه بري، ولا سيما أنّ “حزب الله”، إذا كان يرغب في “عدم كسر” الرئيس نبيه بري، فإنّه يتّفق مع الأخير على عدم الرغبة في وضع الوزير باسيل في المقابل، في موقف “ضعف” في الشارع المسيحي، “المُعبَّأ” هذه الأيام.
من هنا، يعتقد هؤلاء أنّ “المقايضة” ستقوم على أساس منح برّي ما يحتاجه فقط من أصوات، بعد اكتمال “البوانتاج” الذي يجري العمل عليه، من أجل عدم الفوز من الدورة الأولى، وذلك من خلال “تمايز” قد يبدو منطقيًا وطبيعيًا لبعض أعضاء تكتل “لبنان القوي”، من باب التمييز بين “المحازبين” و”الحلفاء”، مع توسيع “الهامش” بعض الشيء، ليشمل بو صعب نفسه مثلاً، الذي سيحصل في المقابل على دعم كتلتي بري و”حزب الله”.
“التيار” على موقفهما يُقال في هذا السياق، على واقعيّته، لا يزال يصطدمه بـ”نكران مطلق” من جانب “التيار الوطني الحر” الذي تؤكد أوساطه أنّ الموقف واضح ولا يحتمل اللبس، وقد عبّر عنه باسيل صراحةً، حين أعلن أنّ “لا داعي” للتصويت لبري في رئاسة المجلس، ولو كان “المرشح الوحيد”، ما يعني أنّه لم يعتمد حتى “التكتيك” الذي لجأ إليه عام 2018، حين ترك لأعضاء التكتل “الحرية” في التصويت كما يرغبون.وفي هذا السياق، تشير أوساط “التيار” إلى أنّ التفسيرات والتكهّنات حول “تمايز” بعض أعضاء “التكتّل” لا يمكن أن تؤخَذ على محمل الجدّ، لأنّ هذا “التمايز” لا يمكن أن يكون مُتاحًا، سوى لمن لا ينتمون إلى “التيار”، أو لا يمثّلونه كنواب، ما يجعله محصورًأ بنواب “الطاشناق” والنائب محمد يحيى، بعيدًا عن كلّ الأسماء الأخرى التي يتمّ تداولها، من الياس بو صعب، إلى آلان عون، وإبراهيم كنعان، وسواهم من النواب.أما اللقاء الذي جمع بو صعب مع بري فتدرجه هذه الأوساط في خانة “التواصل” الذي يجريه المرشح لمنصب نائب رئيس المجلس مع جميع الكتل النيابية، بما فيها تلك التي يدرك سلفًا أنّها لا تؤيّده ولن تصوّت له، علمًا أنّ الأخير “متفائل” رغم “حماوة” المعركة، التي يبدو أنّها بعكس “معركة” رئاسة المجلس تزداد “حماوة” كلما اقتربنا من “الثلاثاء الكبير”، وعُرِفت اللائحة النهائية لأسماء المرشحين للمنصب.يصرّ “التيار الوطني الحر” على أن “لا مقايضة ولا من يحزنون”، وهو حتى لو رشّح أحد أعضاء تكتل “لبنان القوي” إلى منصب نائب رئيس المجلس، لا يرى فيه “قصّة كبيرة”. وفي المقابل، ثمّة من يجزم أنّ “الصفقة أبرِمت”، ولولاها ما كانت الدعوة لجلسة تمّت من الأساس. وبين هؤلاء وأولئك، تتّجه الأنظار إلى “الثلاثاء الكبير” الذي بات قريبًا، والذي يبدو وحده قادرًا على التمييز بين “الحق والباطل”!