العين على برّي… وعلى رئاسة الجمهورية

31 مايو 2022
العين على برّي… وعلى رئاسة الجمهورية


كتب نقولا ناصيف في “الاخبار”: يُعاد انتخاب الرئيس نبيه برّي اليوم لولاية سابعة. رقم تاريخي بلا انقطاع على رأس السلطة الاشتراعية، مفتتحاً السنة الـ31. أسلافه ذوو أرقام عالية لكنها غير تاريخية: الرئيس صبري حمادة 18 سنة متقطعة على دفعات خمس، الرئيس كامل الأسعد 15 سنة على دفعتين، الرئيس حسين الحسيني ثماني سنوات بلا انقطاع.

في توالي مراحل الاستحقاق المقبل، وهو المتنفس الوحيد لجهود تأليف الحكومة الجديدة قبل الوصول إلى الأبواب المغلقة، أن رئيس مجلس النواب، ما إن يستخدم حقه الدستوري في توجيه الدعوة – وهي لمرة واحدة فقط – من ثم يعيّن مواعيد الجلسة أو جلسات الانتخاب، يصبح البرلمان هيئة انتخابية. لا وظيفة له إلا انتخاب الرئيس، ولا أمر آخر سواه، أياً تكن أهميته وخطورته. بيد أن المادة 73 من الدستور لا تلزم صاحب صلاحية توجيه الدعوة، وهو رئيس المجلس، باليوم الأول لبدء مهلة الشهرين على الأكثر والشهر على الأقل. له أن يفعل في أي يوم ضمن المهلة الدستورية. ما إن يوجه الدعوة، وإن لم يحدد موعداً للجلسة، يصبح مجلس النواب في حلِ من استقبال الحكومة أو أي شأن آخر في قاعته.
توقيت ثلاثة استحقاقات دستورية في مدة قصيرة، ما بين 15 أيار و31 تشرين الأول، وتأثير كل منها على الآخر كحجارة الدومينو، يجعل خوضها تباعاً مترابطاً كما لو أنها رزمة واحدة. عبّر عن هذا التشابك ضراوة انتخابات أيار، ثم الآن معركة رئاسة مجلس النواب، فتأليف الحكومة، وصولاً إلى المعضلة الكأداء رئاسة الجمهورية.ربما لهذا السبب، كما لسواه أيضاً، أحاط بانتخاب رئيس للمجلس مثل هذا الكم من السجال والتناحر والخلاف، لم يدرْ في فلكه لتعذّر مواجهة الرئيس نبيه برّي بمرشح شيعي ضده، بل راح يدور من حول منصب نائب رئيس المجلس. مع أن الدستور نص على هذا الكيان، ومنحه النظام الداخلي صلاحيات مرتبطة حصراً بتغيب رئيس المجلس عن وظيفته، إلا أن دوره لا يعدو أكثر من جالس إلى يمين الرئيس. لا يحل في مهمة سوى ما يكلفه إياها رئيسه كترؤس اللجان النيابية المشتركة. لذا بَانَ مفاجئاً هذا التنافس والصراع من حول منصب نائب رئيس المجلس والتسابق عليه، كما لو أنه كيان دستوري مستقل في ذاته، ليس جزءاً لا يتجزأ من الرئيس أولاً، ومن هيئة مكتب المجلس ثانياً.
مثلما رُفِض في اجتماعات جنيف ولوزان عامي 1983 و1984، وفي عشرات الأوراق والمشاريع الدستورية ما بين عامي 1985 و1987، وصولاً إلى اتفاق الطائف عام 1989، استحداث منصب نائب لرئيس الجمهورية تفادياً لمدّ اليد إلى العِبْ، كذلك لم يَسمح مرة رئيس للحكومة بإعطاء نائبه ما لا يملكه، ولم يسمح له في غيابه حتى بممارسة صلاحياته، ولا مع رئيس المجلس عندما يتغيّب. حقوق طوائف المثالثة في رؤوسها فقط.
ما دام الأمر كذلك، لم يسع أحد تفسير دوافع شن حرب ضارية على استحقاق غد على أنه منازلة ضد برّي. لأن لا بديل شيعياً منه، فضّل مناوئوه خوض معركة إضعافه كي يُنتخب، في سابقة لم يعرفها في العقود الثلاثة المنصرمة، بالغالبية النسبية، يروم منها هؤلاء تعطيل دوره المرجعي في النظام منذ عام 2005، بعد خروج سوريا من لبنان، وإفقاده دور المُحتكم إليه. على أبواب انتخابات رئاسة الجمهورية، يعرف موالو رئيس المجلس ومعارضوه على السواء، بما ما تخبّر السوابق، أن الرجل المقيم في هذا المنصب هو صاحب الدور الأساسي في إدارة انتخابات رئاسة الجمهورية. أكثر من توجيه الدعوة وتحديد المواعيد، هو المعني بتسهيل إمرار الاستحقاق، وتوفير أفضل غالبية من حوله.