أول جلسة نيابيّة تكشف قوتهم: نواب “الثورة” بـ”دون تأثير”

31 مايو 2022
أول جلسة نيابيّة تكشف قوتهم: نواب “الثورة” بـ”دون تأثير”

من تابع “الهمروجة” التي حصلت اليوم في مجلس النواب سيتأكد فعلاً أن “الأمور لا تُبشر بالخير” لا من جهة أحزاب السلطة التقليدية ولا من جهة نواب “الثورة”، وهؤلاء التركيز عليهم أكبر وأكثر.

نعم، الجلسة الأولى لمجلس النواب الجديد كشفت عن هشاشة “نواب التغيير” في فرض قوتهم، إذ تبين أنهم ضعفاء، ولا يمكنهم التوحّد معاً، كما أنهم لم يتفقوا في ما بينهم على شيء. إضافة إلى ذلك، فقد تبين أن الإنقسام يضربُ أقطاب الثورة، فأين “الإلتفاف” وأين الكتلة الواحدة التي وعدوا الناس بها؟حقاً، ما يتبين أيضاً هو أن نواب التغيير لا يعرفون قواعد اللعبة جيداً في مجلس مُثقل بالانقسام والتناحر، في حين أن ما يجب الوقوف عنده هو عدم قدرة هؤلاء على احداث أي تغيير فعليّ وجدي في معادلة انتخاب رئيس مجلس النواب ونائبه، ولا حتى في أمناء سر المجلس!
الحقيقة الماثلة هنا ينقلها أحد الناشطين ضمن مجموعة “ثورية”، بالقول: “بعد التدقيق، تبيّن إنو نواب التغيير ما عندن ركاب يواجهوا.. هياه برّي قطع، وبو صعب نائب رئيس، وأمناء السر من العونية والاشتراكية، والتغييرين انسحبوا.. نواب التغيير سمحوا لهادي بو الحسن بالفوز بالتزكية بعد انسحاب فراس بو حمدان”.
وسط كل هذه المشهدية، ما يتبين هو أن التغيير الذي يطمحُ إليه المواطنون عبر هؤلاء النواب اصطدمَ بجدلية أساسية مفادها أن المواجهة التي خيضت اليوم لم تكن وازنة. فبكل ثقة، يمكن القول أن تأثير نواب التغيير في المجلس لا يمكن احتسابه أمام “الجرف الهائل” لقوى السلطة التقليدية. فلو كان التوحد قائماً ولو كانت هناك مشاريع واحدة، ولو كانت هناك رؤى متقاربة، لكان التأثير أعمق، ولكانت الأمور أخذت منحى آخر.
مع كل ذلك، صحيحٌ أن نواب الثورة دخلوا المجلس النيابي من بابه الواسع والعريض، إلا أنهم كانوا من دون أسلحة مواجهة حقيقية.. فكيف سيواجهون الناس بعدما فشلوا في التأثير على مسار انتخاب رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي رفضوه تماماً؟ كيف سيبررون لأبناء الثورة أن الياس بو صعب “العوني” والمقرب من “جبران باسيل”، بات نائباً لرئيس مجلس سيكونون فيه وضمنه وسيحتكمون له؟
حتماً، الأمور ستتجه نحو الأسوأ، ونواب الثورة سيكونون أمام مساءلة كبرى. فالسقطة الأولى كانت في الامتحان الأول. مع هذا، فإن ما لفتني هو كلام النائب حليمة القعقور خلال الجلسة (بما معناه): “نحنا جينا لننهي التوافق اللي كنتو عم تعملوه”. هنا، كانت رسالة القعقور واضحة بأنه لا قبول أبداً بنمط السلطة التوافقي على اسم مرشحين ورؤساء.. في المبدأ، القعقور على حق، لأن المنافسة الديمقراطية والاقتراع يجب أن يكونا علنيين ومن دون أي قفازات.. نعم الديمقراطية الشفافة مطلوبة، ولكن هل يمكنكم إلغاء مبدأ التوافق في ما بينكم كثوار؟ تريدون ضرب التوافق بين السياسيين التقليديين.. حسناً.. ولكن نداءكم للتوحد والاتفاق.. أليس نوعاً من التوافق؟ كيف يحق لكم ذلك ولا يحقّ للسلطة هذا الأمر؟
بكل بساطة، المواجهة ستكون صعبة، والامتحان الأكبر سيكونُ في معركة التشريع.. في معركة فرض القوانين التي تتطابق مع توجهات الناس.. وبكل بساطة، الرهان الأكبر على تغيير، يظهر أنه سيبقى بعيد المنال،أقله هذا ما كشفته الجلسة الاولى.