جلسة انتخاب بري: خلط الاوراق مجددا

1 يونيو 2022
جلسة انتخاب بري: خلط الاوراق مجددا


بالنظر الى ان التوازنات الجديدة في المجلس النيابي تقود لبنان الى مرحلة سياسية مختلفة يمكن استخلاص عدد كبير من الملاحظات من جلسة انتخاب رئيس مجلس النواب ونائبه امس، في الشكل وفي المضمون، مما سيتيح الى حد ما معرفة من سيكون اللاعب الاقوى في المرحلة المقبلة خصوصا ان تموضع عدد لا بأس به من النواب لا يزال غير واضح.
 

 
احد اهداف خصوم حزب الله الاساسية كان يتمحور حول فكرة سلبه الاكثرية بمعناها العميق وليس الشكلي.
خلال السنوات الاربعة الماضية كان “حزب الله” يمتلك اكثرية نيابية نظريا، لكنه فعليا كانت لديه تحالفات مشتتة غير متفقة على ادنى تفاصيل ادارة الدولة. الهدف الاساسي لخصوم الحزب كان الوصول الى برلمان قادر على تشكيل حكومة من  دون مشاركة الحزب بعيدا عما اذا كان سيذهب فعليا الى هذه الخطوة ام لا، لكن بمجرد تكوين اكثرية معارضة للحزب، فإن الاخير سيصبح مكبلا غير قادر على القيام بأي مناورة سياسية في البرلمان والمؤسسات عموما.
 
في جلسة الامس فاز الرئيس نبيه بري حليف حزب الله الاساسي بالدورة الاولى من دون ان يصوت نواب التيار الوطني الحر له، وهذا يعني انه استطاع تأمين اكثرية تدعمه وتحصن حضوره السياسي متعاونا مع الحزب التقدمي الاشتراكي ومع نواب تيار المستقبل وعدد لا بأس به من المستقلين، وهذه الكتلة التي صوتت لبري، وان كانت لا تؤيد حزب الله بمجملها، لكنها ساهمت في وضع حد لقوة النواب الجدد وقدرتهم على التأثير، كما اظهرت ان القوات اللبنانية، بالرغم من تقدمها النيابي، لا تزال غير قادرة على نسج تحالفات متينة.
 
الحدود التي رسمت بمجرد انتخاب بري كرسها “حزب الله” بإنتخاب النائب الياس بو صعب نائبا لرئيس المجلس مظهرا انه يمتلك اكثرية نيابية من دون الحاجة الى نواب تيار المستقبل ونواب الحزب التقدمي الاشتراكي ففاز بو صعب بـ٦٥ صوتا في الدورة الثانية، لكن الضربة القاسمة التي وجهها حزب الله كانت من خلال الخطأ السياسي الكبير الذي وقع فيه نواب التغيير اذ خاضوا معركة الحزب الاشتراكي والقوات اللبنانية بالتصويت للنائب غسان سكاف.
 
حقق حزب الله نصرا يفوق نصره بفوز بري من الدورة الاولى وبو صعب بمركز نيابة الرئيس، من خلال تكريس سرديته السياسية التي تؤكد ان نواب التغيير هم عمليا جزء او تتمة لمشروع قوى الرابع عشر من اذار وحلفاء لهم وسيكونون في مواجهة الحزب متحالفين معهم. من دون جهد، اهدى نواب التغيير صورة الانقسام التقليدي لحزب الله.
 
كما ان الحزب اوصل رسائل واضحة حول حجم انخراطه المستجد بالسياسة الداخلية من خلال مداخلات النائب حسن فضل الله المتكررة والتي طالت التفاصيل، ومن خلال قدرته على نسج تسوية احادية الجانب دفعت نواب حركة امل الى التصويت لمرشح التيار الوطني الحر لمنصب نائب رئيس مجلس النواب من دون ان يكون التيار قد منح بري اصوات كتلته في انتخابات الرئيس.
رد “حزب الله” امس على خسارته المفترضة في الانتخابات النيابية بإعادة خلط الاوراق مجددا قبيل مرحلة سياسية بالغة الحساسية.