“رسائل” جلسة البرلمان.. “حزب الله” يسيطر و”القوات” تخسر الرهان!

1 يونيو 2022
“رسائل” جلسة البرلمان.. “حزب الله” يسيطر و”القوات” تخسر الرهان!


 
منذ انتهاء الانتخابات النيابية الأخيرة، وما أفرزته من تغيّرات “جذرية” في الخريطة النيابية، ساد “سباق” بين مختلف الكتل والأفرقاء على “الصدارة”، تحت شعار “بيي أقوى من بيك”، “سباق” دفع إلى اعتبار أولى جلسات البرلمان التي خُصّصت لانتخاب رئيس للمجلس ونائب له، إضافة إلى هيئة مكتب المجلس، “الفيصل” في بلورة صورة التحالفات الجديدة.

 جاءت الجلسة لتكرّس “الانقسام العمودي” للبرلمان الجديد، بدليل أنّ جلّ من استطاعوا الفوز، من الدورة الأولى أو الثانية، فعلوا ذلك “على حافة الخسارة”، إن جاز التعبير، وبالحدّ الأدنى من الأصوات المطلوبة، من دون أيّ صوتٍ بالزائد، ما قد يؤشر إلى “معارك” ستنتظر البرلمان عند كلّ استحقاق، ولا سيما بعدما بدا أنّ بعض التحالفات يمكن أن تكون “على القطعة”.
 
في المقابل، كان لافتًا أنّ جلّ الفائزين أيضًا كانوا من معسكر حلفاء “حزب الله”، الذي “احتفل” خصومه منذ إعلان نتائج الانتخابات بـ”فقدانه الأكثرية”، وهو الخبر الذي تصدّر يومها وكالات الأنباء العالمية، فإذا به يبسط “نفوذه” من جديد عند أول استحقاق، فيما خرجت “القوات” مثلاً، التي أعلنت أنّها أصبحت “الأكثرية” خالية الوفاض، فكيف يمكن تفسير ما حدث؟!
 
“القوات” تلوم “التغييريين”
 
إذا كانت “القوات” تتحدث عن “انتصار كاسح” منذ 15 أيار، وعن “أكثرية جديدة” ستحكم البرلمان، قد يكون عنوانها الأساس هو “مناهضة” فريق “حزب الله” وحلفائه باختلاف وتنوّع مشاربهم، فإنّ أحدًا من الدائرين في فلكها لا يستطيع نكران واقع “الهزيمة” التي تكبّدتها في جلسة الثلاثاء، مع فوز مرشحي “حزب الله”، في مقابل خسارة مرشحها لموقع أمين السر مثلاً، من دون أن يحصد ما يكفي من الأصوات لـ”حفظ ماء الوجه” بالحدّ الأدنى.
 
بالنسبة إلى “القوات”، فإنّ المشكلة في “المعارضة” التي “أخفقت”، عن سابق تصوّر وتصميم، في استغلال المكاسب التي حقّقتها في الانتخابات، وأسهمت بالتالي، من حيث تدري أو لا تدري، في تقديم “الهدايا المجانية” لفريق “حزب الله”، كما لو أنّ شيئًا لم يتغيّر بنتيجة الاستحقاق، ما يشكّل برأي المحسوبين عليها، “خيانة عظمى” للشعب الذي اختار المرشحين “السياديين والتغييريين” في الانتخابات لإحداث “الفارق الجوهري”.
 
لا يتردّد المحسوبون على “القوات” في لوم “التغييريين” على ما حصل، حيث يشيرون إلى أنّ هؤلاء تمسّكوا بـ”الشعارات”، ورفضوا خوض “معركة حقيقية”، مصرّين على “الخصومة” مع من يمكن أن يتحالفوا معهم. يستغرب “القواتيون” مثلاً أن يرفض هؤلاء تبنّي أيّ مرشح “سيادي” لمنصب نائب الرئيس، أو حتى ترشيح أحد منهم، كان يمكن أن يحصد “إجماع” القوى السيادية، كما أن يسهّلوا فوز المرشح “العوني” في انتخابات أميني السر، بلا خجل!
 
أكثرية “حزب الله”
 
يحاول “القواتيون” الإيحاء بأنّ المشكلة الأساسية تكمن في “تشتّت” قوى المعارضة، فهي ظهرت في جلسة البرلمان، مجموعة “أقليات” غير متجانسة، رغم “تقاطعها” على العناوين الاستراتيجية الكبرى، بدل أن تكون “أكثرية” قادرة على “قلب” النتائج، وهم يستهجنون رفض بعض المنخرطين في هذه القوى مثلاً أيّ “تنسيق” سابق للجلسة، رغم كلّ الدعوات، ويعتبرون أنّ على هؤلاء أخذ “العِبَر” حتى لا يتكرّر “السيناريو” نفسه مستقبلاً.
 
قد تكون “القوات” مُحِقّة في بعض ما تذهب إليه، ولا سيما بعدما صوّرت أمام الرأي العام أنّ النتائج التي أفرزتها الانتخابات جعلت منها “الرابح الأكبر” من دون منازع، وهو ما لم ينعكس في جلسة الثلاثاء. لكنّه يصطدم، وفقًا للعارفين، بحقيقة يبدو أنّ “القوات” لم ترغب الإقرار بها، وهي أنّ “حزب الله” لا يزال قادرًا على تشكيل “أكثريته” من خلال “اجتذاب” بعض الأصوات من هنا وهناك، خلافًا لكلّ ما تروّج له.
 
ويكفي، وفقًا لهؤلاء، أنّ مرشحي “الحزب” لم يحتاجوا للذهاب إلى دورة ثالثة لتكريس هذا “المنطق”، ما يعني أنّ فوزهم لم يأتِ بالأكثرية “النسبية” التي سبّبها “تشتّت” المعارضين، بل بالأكثرية “المطلقة” التي أمكن “اختراق” المعارضة من خلالها، وهنا “بيت القصيد”، ولو أنّ طريقة توزيع هذه “الأكثرية” اختلفت بين منصب وآخر، إلا أنّها أظهرت أنّ “الحزب” لا يزال، رغم كلّ شيء، “المايسترو” القادر على “إدارة اللعبة”.
 
يقول كثيرون إنّ “القوات” خسرت الرهان في “الامتحان” البرلماني الأول. مرشحها لمنصب نائب الرئيس لم يُعلَن أصلاً، فيما سقط المرشح الذي تبنّته بلعبة الديمقراطية، ليبقى مرشحها لمنصب أمين السر “أكبر الخاسرين” بالنتيجة “المدوية” التي حصدها. ولعلّ الأهمّ من هذا وذاك، أنّها “فشلت” في صياغة “خطوط تواصل” مع القوى “التغييرية” التي تمسّكت بمبدأ “كلن يعني كلن”، واضعة “القوات” مرة أخرى في عداد هؤلاء الـ”كلن”!