الرقم 65… هل يُسهّل مهمّة باسيل لبعبدا أمّ أنّ حظوظ فرنجيّة أكبر؟

3 يونيو 2022


تكثر التحليلات بشأن تأجيل إنتخابات رئاسة الجمهوريّة، وعدم رغبة الرئيس عون بتسليم حكومة تصريف الاعمال زمام الحكم، إنّ فشل النواب بانتخاب خلفٍ له، وتعذر تشكيل حكومة جديدة، على الرغم من أنّ الدستور اللبنانيّ واضح من ناحيّة ولاية الرئيس. إلّا أنّه بعد جلسة مجلس النواب الاخيرة، ثبُت أنّ فريق الثامن من آذار قادر على تأمين 65 صوتاً لمرشّحه لرئاسة الجمهوريّة، بالاضافة إلى تسميّة رئيسٍ للحكومة. من هنا، عاد الحديث عن المنافسة بين رئيس “التيّار الوطنيّ الحرّ” النائب جبران باسيل، ورئيس تيّار “المردة” سليمان فرنجيّة، مع بقاء سيناريو تفجير الوضع الامنيّ وارداً، لايصال أحد المرشّحين غير السياسيين إلى قصر بعبدا.

 
تفوّق باسيل مرّة جديدة على أبرز منافس مسيحيّ له، “القوّات اللبنانيّة”، وهذا ما تُرجم في جلسة إنتخاب رئيس مجلس النواب ونائبه وهيئة مكتب المجلس الثلاثاء الماضي. فربح مرشّحو تكتّل “لبنان القويّ” في كافة المقاعد، وفشلت “الجمهوريّة القويّة” بترشّيح النائب غسان حاصباني، وفي تأمين فوز النائب زياد حواط بأمين السرّ المارونيّ.
 
وبالتوازي، يعمل باسيل أيضاً على زيادة حجم كتلته النيابيّة، لاعطاء نفسه الشرعيّة، على أنّه الممثل الاكبر للمسيحيين. ويرى مراقبون أنّ الخلاف بين الاخير وبرّي ممكن إلى حدٍّ كبيرٍ أنّ يحرمه من أصوات كتلة “التنميّة والتحرير” الـ13. في المقابل، كان تصويت نواب “أمل” ملفتاً للنائب الياس بو صعب، على الرغم من أنّ نواب “الوطنيّ الحرّ” لم يُصوّتوا بأكثريتهم لبرّي. وهو بطبيعة الحال رأى فيه المراقبون أنّه يوضع في خانة الشعبويّة، التي بدأها باسيل ضدّ رئيس المجلس قبل الانتخابات النيابيّة، ولم تُؤثّر لا على التحالفات، ولا على انتخابات جلسة الثلاثاء. فجميع مرشّحي 8 آذار نجحوا. ويُشير المراقبون إلى أنّه من دون تدخّل مباشر من “حزب الله”، لن يستطيع باسيل نيل أصوات كتلة برّي.
 
في السيّاق، ومع صعوبة وصول باسيل إلى سدّة الرئاسة، وخصوصاً إذا انخفض عدد النواب الداعمين له، الذين يدورون في فلك تحالف 8 آذار، من 65 إلى 52، فإنّه من المُؤكّد أنّ نواباً معارضين آخرين، لن يُعطوه أصواتهم. أمّا لو ترشّح فرنجيّة، فباستطاعته زيادة الرقم عن 65، لانّه توافقيّ أكثر من باسيل، درزيّاً وسنيّاً، من ناحيّة كتلة “اللقاء الديمقراطي”، كذلك، من جهّة نواب “المستقبل” السنّة السابقين. فيُذكّر مراقبون أنّه قبل اتّخاذ الرئيس سعد الحريري قراره بتعليق عمله السياسيّ، كانت لديه رغبة بدعم فرنجيّة لرئاسة الجمهوريّة. ويُضيفون أنّ التقارب بين زعيم بنشعي وباسيل، بعد اللقاء الذي جمعهما مع الامين العام لـ”حزب الله” السيّد حسن نصرالله، وما تبعه من انتخاب النائب طوني فرنجيّة لبو صعب، مؤشّر على عودة العلاقة الطيّبة بين الرجلين. ويبقى السؤال، هل يُعطي نواب “لبنان القوي” أصواتهم لفرنجيّة، بإيعاز من “حزب الله”، وبالتالي، يصل الاخير إلى حدود الـ79 صوتاً؟
 
وتجدر الاشارة إلى أنّه لانتخاب رئيس للجمهوريّة، فإنّ المرشّح بحاجة لثلثيّ أصوات النواب في الدورة الاولى، والغالبيّة المطلقة في دورات الاقتراع التي تلي. ويبقى رئيس “المردة” الاوفر حظاً من باسيل، لما يُمثله من توافق حول إسمه، من “الثنائيّ الشيعي”، والحزب “التقدمي الاشتراكي”، وأغلبيّة النواب السنّة.
 
أمّا في مقلب فريق الرابع عشر من آذار، كانت مهمتّه في نسج تحالفٍ مع نواب “الثورة” صعبة، مع تمايز بعض “التغييريين” في توجّهاتهم السياسيّة. وأصبح حلم الاكثريّة بعيد المنال بالنسبة لـ”القوّات” و”التّقدمي”. وعلى الرغم من أنّ سمير جعجع كان مرشّحاً في الانتخابات السابقة، وسحب ترشيحه لدعم الرئيس عون، وكسر الجمود السياسيّ في البلاد، حينها، إلّا أنّ إعادة ترشّحه مرّة أخرى ليس مستبعداً أبداً، نظراً للفوز الذي حققته “القوّات” في الشارع المسيحيّ، وزيادة عدد نواب كتلتها.
 
لكن، تبقى المشكلة بحسب مراقبين، في استقطاب جعجع الاصوات النيابيّة، التي هي حاليّاً بحدود 28 مع “اللقاء الديمقراطي”. وقد أثّر الخلاف بين “القوّات” و”المستقبل” في الاونة الاخيرة، إلى حرمان مرشّحي معراب من الاصوات السنّية المحسوبة على الحريري في الانتخابات. وهذا الامر سينسحب أيضاً على النواب السنّة الذين يدورون في فلك “التيّار الازرق”، في عمليّة التصويت في الانتخابات الرئاسيّة، باستثناء النواب السنّة المستقلّين، الذين يطمحون كما “القوّات”، إلى معالجة موضوع سلاح “حزب الله”. إلّا أنّ عددهم ليس كبيراً، ولن يُعطي أي مرشّح من 14 آذار الفرصة لكي يكون منافساً جدّياً لباسيل أو فرنجيّة.
 
ويختم مراقبون أنّ تأمين عدد النواب لانتخاب رئيس الجمهوريّة أمر صعب، إنّ مع ما يُشكّله “حزب الله” وحلفاؤه من أغلبيّة تصل إلى 65 نائباً، أو مع ما يُشكّله النواب “السياديون” مع نواب “الثورة”. لذا، فإنّ عدم معرفة الرقم النهائيّ الذي سيناله المرشّحون من الدورة الاولى، أو الدورة الثانيّة بشكل خاصّ، لانّها ستُحدّد هوية الرئيس الجديد، وخصوصاً وأنّ الاكثريّة لا تزال غير محسومة لاي فريق، وهذا ما أثبتته جلسة إنتخاب رئيس مجلس النواب ونائبه وهيئة المجلس، سيكون عائقاً أمام تأمين النصاب، وبالتالي، تأجيل الاستحقاق والدخول في الفراغ، ريثما تتبلوّر التحالفات النهائيّة، والاصوات التي ستُحدّد هوية الرئيس الجديد. من هنا، يبقى موضوع الخضّة الامنيّة وارداً، إلى حين الوصول لتسويّة رئاسيّة، ربما ينتج عنها إنتخاب شخصيّة غير مرتبطة بـ8 و14 آذار، وتنال موافقة قوى المجتمع المدنيّ.