يوم لبناني طويل… الجيش يطارد “أبو سلة” ويتصدى لاسرائيل

4 يونيو 2022
يوم لبناني طويل… الجيش يطارد “أبو سلة” ويتصدى لاسرائيل

أمس كان يوماً متعدد الوجوه، تأرجح اللبنانيون خلاله بين السماء والأرض في وقائعهم المليئة بكل أنواع التشويق المرير بحيث خيّرهم المتحكمون برقابهم بين خيارين لا مفر منهما: أن يبقوا عالقين على خطوط التوتر العالي، فيتكهربون ويتفحّمون بصعقات كهربائية اجتماعية وسياسية واقتصادية وأمنية متتالية؛ وإما أن يحترقوا ويختنقوا بنار المحروقات ولهيب الأسعار والأزمات التي أشعلت قلوبهم وأعصابهم ونسفت أعمارهم.

وبعيداً عن السياسة ودهاليزها وتعقيداتها، شهدت أكثر من منطقة أمس أحداثاً أمنية، وأبرزها ما جرى في بعلبك، اذ أعلن الجيش عبر “تويتر” أن قوة من الجيش تنفذ عمليات دهم في الشراونة – البقاع بحثاً عن مطلوبين، وحصل تبادل لإطلاق النار ما أدى إلى وقوع إصابات عدة.

واستشهد عسكري وأصيب خمسة آخرون أثناء عملية الدهم التي أسفرت عن توقيف عدد من المطلوبين. وتضاربت المعلومات بشأن مقتل تاجر المخدرات المعروف بـ”أبو سلّة” أو جرحه، فيما استقدم الجيش طائرة استطلاع حامت فوق بعلبك للمساعدة في تحديد المطلوبين الفارّين ومراقبتهم.

أما على الجبهة الجنوبية، فأفادت إذاعة الجيش الإسرائيلي، بأنّ عناصر من الجيش اللبناني وجّهوا أسلحتهم نحو قوات الجيش الإسرائيلي عند الحدود الجنوبية، مشيرة إلى أن الاحتكاك بين الجنود انتهى من دون وقوع إصابات.

وبين الوضع الأمني والأمن الصحي بحيث تداولت معلومات أن الأدوية التجارية أودت بحياة مريض، فإن الأمن الغذائي ليس بمنأى عن الأزمات، اذ حذر أصحاب الافران من أزمة خبز وأن القطاع مقبل على كارثة.

المسؤولون معجوقون بالاجتماعات والخطابات والمؤتمرات والاتصالات في ما بينهم، لكن ما همّ اللبناني من كل هذه التحركات الكثيرة ذات المنفعة القليلة؟ ماذا تعني شبكة التواصل والاتصالات بين الفاعلين على الساحة السياسية طالما لا شبكة كهرباء ولا شبكة ماء ولا شبكة اتصال ولا شبكة أمن ولا شبكة طرقات ولا شبكة خلاص من النار التي تلتهم البلد ومن فيه؟

شكلت عطلة نهاية الأسبوع فرصة أمام المعنيين للتباحث والتداول في الحكومة المقبلة ورئيسها وشكلها، اذ وفق معلومات موقع “لبنان الكبير” يجري التواصل بين القوى التغييرية والأحزاب التقليدية المعارضة وبعض المستقلين، في محاولة للتوافق على رؤية واحدة في الاستحقاق الحكومي. وأكد أحد النواب التغييريين “اننا سنعمل كل ما بوسعنا لعدم تكرار ثغرة جلسة الانتخابات الداخلية الفائتة مع الحفاظ على مبادئنا ورؤيتنا التي لن نتنازل عنها، ونلاقي الى منتصف الطريق كل من يتفق مع تطلعاتنا”.

على المقلب الآخر، يطبخ الملف الحكومي على نار حامية بحيث أن أسهم الرئيس نجيب ميقاتي لا تزال الأعلى، لكن لا شيء محسوماً في هذا الاطار إذ يرى البعض أن حكومة تصريف الأعمال ستستمر مع اعطائها صلاحيات استثنائية أو موسعة، مع العلم أن صفارة الاستشارات النيابية الملزمة أطلقت منذ اعلان الأمانة العامة لمجلس النواب ايداع المديرية العامة لرئاسة الجمهورية لائحة بأسماء النواب بحسب الكتل النيابية والنواب المستقلين، في خطوة يفترض أن تعقبها دعوة رئيس الجمهورية ميشال عون الى الاستشارات في قصر بعبدا لتكليف رئيس للحكومة، لكن الموعد لم يحدد بعد إلا أن أحد المطلعين رجح أن يكون في نهاية الأسبوع المقبل.

وفي معطى مستجد برز في الساعات الماضية، أن بعض الكتل بدأ البحث جدياً في مقاطعة الاستشارات، بحيث أكد مصدر مواكب للنقاشات الحاصلة أن كل الاحتمالات واردة ولدى أكثر من طرف، وتبحث الأمور بجدية وترو إلا أنه لا يمكن الحديث عن مقاطعة طالما يبحث في أكثر من خيار.

وبانتظار حفلة التأليف الحكومي وبورصة أسمائها ليتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود، بات الهاجس الأول لدى اللبنانيين بعد مهرجان انتخابات المجلس الداخلية وما تخللها من هرج ومرج وضياع واختلاف بين الأفرقاء، أن “تكون راحت السكرة واجت الفكرة”، وأن تندثر الآمال بالتغيير، فلا تتحقق الوعود الرنانة الطنانة الا في عالم الأحلام لشعب صنّفته التقارير الدولية بأنه الأتعس في العالم.

ويستند أصحاب هذه النظرية، كما يقولون، الى المعطيات الواقعية التي لا يجوز الاستمرار في طمسها أو القفز من فوقها والتي تقول بوضوح: طالما البلد رهينة “حزب الله” وسياساته، فأمل التغيير المنشود مفقود بحيث أن الحزب يعلي الصوت لاسماع العالم أجمع أن الوضع السياسي والأمني بين يديه، والمسموح به هو بعض المساعدات والدعم المالي من المجتمع الدولي كي لا ينهار البلد فوق رؤوس الجميع بمعنى “منكم المال ومنا الحكم”. وبالتالي، هناك عدم قدرة على التغيير في حال كانت هناك النية لدى البعض لأن المطلوب أن يبقى لبنان ساحة صراع لمصلحة ايران في المنطقة لضمان أمنها وليس أمن لبنان.

ووسط هذا المشهد السوداوي، هناك بصيص ضوء يأتي من مطار رفيق الحريري الدولي حيث أن الحجوزات تخطت السنوات الماضية. وتزامناً يبدو أن قرار ازالة صور الشهداء عن طريق المطار سلك مساره التنفيذي على أمل أن لا يكون الرئيس عون قد استفاق متأخراً في تأكيده على حاجة لبنان إلى مساعدة الدول العربية لتجاوز الظروف الإقتصادية والإجتماعية والإنسانية الصعبة التي يمر بها.

وختامها مسك مع محبي كرة القدم اذ سيحط كأس العالم لكرة القدم “كأس الفيفا” في قاعة الطيران المدني في المطار لأربع ساعات يوم غد الأحد ضمن جولة العد التنازلي لمونديال قطر بين تشرين الثاني و18 كانون الأول المقبل، وهو المونديال الأول الذي تحتضنه منطقة الشرق الأوسط.

المصدر لبنان الكبير