رغم تسارع الاحداث المرتبطة بالاستحقاق المقبل المتمثل بتسمية رئيس جديد للحكومة الا أن معظم القوى السياسية لا يبدو انها حسمت توجهاتها بشكل قاطع، الامر الذي من المتوقع أن يؤدي الى مماطلة في عملية التكليف والتأليف.
الغالبية العظمى من القوى السياسية لم تتخذ خياراً واضحاً بشأن الشخصية التي ترغب بتسميتها للمرحلة المقبلة وذلك لعدة اسباب اولها شكل الحكومة والخلافات حول كيفية تظهيرها، وثانيها هو انعدام القدرة حتى اللحظة على بناء تحالفات متماسكة تضمن الحصول على اغلبية النواب في الاستشارات النيابية المقبلة وما يلحق بها من امكان اعطاء الثقة للحكومة.
من جهة “حزب الله” فمن الواضح انه متردد في تسريب توجهه لتسمية رئيس للحكومة، لكنه ، وبحسب مصادر مطلعة، فإنه لا يعارض اعادة تسمية الرئيس نجيب ميقاتي، اذ ان ذلك من شأنه ان يريحه سياسيا الى حد بعيد ويخفف عنه الارباك المرتبط بالمماطلة في تسمية رئيس حكومة جديد. لكن الحزب في الوقت نفسه ميال ايضاً الى حكومة سياسية واضحة المعالم الامر الذي يبدو وفق المصادر احد اولويات الحزب في هذه المرحلة.
موقف “الوطني الحر” مشابه لموقف “حزب الله” اذ ان رئيسه النائب جبران باسيل عبّر علناً عن رغبته بحكومة سياسية حتى ان البعض بات يتحدث بشكل حاسم عن ان “التيار” يريد باسيل وزيراً في الحكومة الجديدة ما يعني ان أي رفض من قِبل أي رئيس مكلف بالتشكيل قد يؤدي الى امتناع رئيس الجمهورية ميشال عون عن توقيع مراسيم التشكيل، وهنا تكمن الازمة الكبرى. ورغم تصريحات باسيل في اكثر من مناسبة والتي اوحت بأنه سيوافق على اي اسم يقترحه النواب السنّة المقرّبون من ” تيار المستقبل” غير انه لا يبدو ذاهباً للقبول بنجيب ميقاتي رئيساً مكلفا.
اما بالنسبة لثنائي “امل – الاشتراكي فتؤكد المصادر انه يؤيد تسمية ميقاتي لرئاسة حكومة بنكهة سياسية قدر الامكان، رغم انه لم يضع هذا الشرط كأولوية مطلقة لا يمكن التراجع عنها. لذلك “حركة امل” و”الاشتراكي” سيكونان اكثر المسهّلين في عملية التشكيل ولن يفرضا شروطاً مرتبطة بمشاركة “التيار” و”حزب الله” في الحكومة.
وفي ما يخصّ قوى التغيير فهي تتجه لتسمية شخصية من “طرفها” لتشكيل الحكومة، ويتحدث البعض عن اسم السفير نواف سلام، ولكن رغم ان هذه الخطوة من شأنها ان توحد بعض الاحزاب كالقوات اللبنانية وحزب الكتائب وبعض المستقلين خلف قوى الثورة، الا انها ستكون مشروطة بعدم مشاركة القوى السياسية حزبياً في الحكومة ما قد يقلب كل العملية السياسية والدستورية.
اخيراً يظهر حزب “القوات اللبنانية” كمن بات اكثر اقتناعاً بأن المعارضة تؤمن له شعبية واسعة تمكنه من النجاح فيها، لذلك فإن “القوات”، وبعيدا عن اسم رئيس الحكومة الذي ستختاره تضع شروطاً تعجيزية من بينها مشاركة “حزب الله” في الحكومة قد تؤدي الى بقائها خارج الحكومة، وهذا الامر وان كان سيسبب لها ضررا كبيرا على المستوى السياسي المباشر ويحرمها من النفوذ والتأثير على القرار، لكنها قد ترى ان المشهد مفيد لها على المستوى الشعبي.