رهبنة القديسين أمام إمتحان “الإنتماء”… فهل سيتدّخل الفاتيكان؟

6 يونيو 2022
رهبنة القديسين أمام إمتحان “الإنتماء”… فهل سيتدّخل الفاتيكان؟


قبل أن ابدأ كتابة هذه السطور لجأت إلى ربي مستلهمًا الروح القدس، في يوم حلوله على الرسل في علية صهيون وذلك مخافة ان أسيىء التقدير من خلال محاولتي سرد بعض الوقائع والحقائق في ما خصّ دور الرهبانية اللبنانية المارونية (البلدية)، وأنا أحد أبنائها وإن مضى على خروجي من صفوفها 47 سنة.   

أكتب ما أراه لزامًا علي كتابته، في غياب كل من الأباتي يوحنا تابت والأب “الثائر” جوزف قزي، والأب القاضي مارون نصر، ولهؤلاء جميعًا دور في حياتي، داخل الدير وخارجه.   
ولكي لا نختبىء وراء أصبعنا ونقّلد النعامة عندما تطمر رأسها في الرمال، إعتقادًا منها بأنها بذلك يمكنها أن تخفي الحقيقة، نشير إلى أن الرهبنة “البلدية”، كما سائر الرهبانيات، تعيش أزمات داخلية نتيجة الوضع العام في البلاد، الذي إنعكس سلبًا على الحياة الرهبانية بمفهومها الروحي العميق القائم على ثلاثة نذورات أساسية، وهي العفة والطاعة والفقر، إضافة إلى ما تفرضه الحياة الديرية من أعمال تقشفية وإماتة الذات وحياة جماعية، خصوصًا أن الرهبنة “البلدية” هي رهبنة القديسين: شربل الحرديني ورفقا والأخ إسطفان.   
في نظرة عامة إلى طبيعة الحياة التي يعيشها الرهبان اليوم نرى صعوبة في عيش القوانين مع ما يرافق ذلك من تخصيص أوقات لعيش ما تفرضه القوانين، كما للصلاة والتأمل والعمل المجدي وخدمة الآخرين بما تسمح به الظروف العامة.   
وهذا يعني أن مقتضيات الحياة الرهبانية غير المؤمنة ظروفها في مثل هكذا حالات، تتطلب بطولات خارقة ومجهودات غير طبيعية. 
لسنا في موقع إتهام أحد بما يمكن تسميته إفتراء أو تجنّيًا، بل في موقع الذين يفضّلون أن يضعوا إصبعهم على الجرح حتى ولو تطّلب الأمر إجراء عملية جراحية بدلًا من التداوي بالمسكنات.   
الدوائر المعنية في الفاتيكان، وبالأخص وزير الخارجية الكاردينال بياترو بارولين، أصبحت على علم بما يجري داخل أروقة أديرة الرهبانية، بعدما تبّلغت أكثر من وثيقة قام بإرسالها عدد من الرهبان الداعين إلى إصلاحات جذرية داخل الرهبنة تقوم على العودة إلى جذور الحياة الرهبانية. وفي هذه الوثائق ما يؤّشر إلى مخالفات مالية كبيرة، وبالأخصّ في مؤسسات تربوية عريقة ، فضلًا عن تراجع الخدمات الإجتماعية التي كانت تقدّمها الرهبانية في أوقات سابقة إلى عدد من العائلات المستورة، مع تراجع مردودية المشاريع الزراعية والإنتاجية العائدة إلى أوقاف الأديرة.   
الخلافات القائمة داخل الرهبنة “البلدية” ليست جديدة، وهي معروفة من القاصي والداني، إنما تظهر إلى السطح اليوم مع إنتهاء ولاية السلطة الرهبانية الحالية، التي يترأسها الأباتي نعمة الله الهاشم، وإحتمال تدّخل الفاتيكان في الإنتخابات المقبلة التي ستجري في هذا الصيف، مع تردّد معلومات عن نية الأباتي نعمة الله بتجديد ولايته لست سنوات جديدة.   
السؤال الذي يطرحه الرهبان المنقسمون بين مؤيد لفكرة تجديد ولاية الأباتي الهاشم وبين معارض له، وهم الذين إقترعوا بأوراق بيضاء في الإنتخابات الأخيرة إعتراضًا وإحتجاجًا على السياسة المتبعة داخل الرهبانية، هو عن مدى قابلية الفاتيكان للتدّخل الحاسم بهدف وضع الأمور في نصابها الصحيح، إن كان من خلال الإشراف على عملية إنتخاب سلطة رهبانية جديدة، أو من خلال الإقدام على تعيين أحد الرهبان رئيسًا عامًا، كما فعلت يوم عيّنت الأباتي عمانويل خوري، وتعيين الأباتي يوحنا تابت من بعد وفاة الأباتي خوري في ظروف غامضة.   
ما يجري وراء “حصن” الأديرة مرده، في رأي كثيرين، إلى السياسة التي تتبعها السلطة الرهبانية الحالية التي تحاول أن تربح الرهبان سياسيًا بدلًا من أن تربحهم للمسيح.